تلتقي رفيف الطائي قراء زواياها الخفية لتقول لهم بوضوح أنها لا تعنى بما هو خفي ومستتر في تلك الزوايا، حيث لا تعرف الشمس إليها سبيلا، بل لتلقي بضع الضوء على ما يمكنه أن يكون شموعا في أعماقنا تترقب اليد التي تمتد إليها، وفي عتمتنا لا نتبينها لأننا نكون مشغولين بالظلمة لا بالنور، وكم في داخلنا من أنوار تترقب أن تجد فرصتها لتشتعل حيوية. فتصنع حياة عامرة بالمحبة والسلام. مقالات معجونة بتجارب الحياة، ألقت عليها الشمس بكثير من الضوء، وحينما يكمل قارىء "زوایا خفية" عبورها يمكنه أن يجد الكثير من الحب والسلام والأمان والإيجابية ليستمر سائرا على الدرب بثقة، لأنه سیزداد فهما لذاته، ومقتربا من فهم الآخرين بما يكفي ليستوعبهم على أنهم أشقاؤه في حياة ليست مليئة بالورود حتما.. ولكن، وإن كان بها الكثير من الأشواك، علينا أن نصنع عبقنا.
كم أود تحرير نفسي من قبضة الارقام العقيمة وعبوديتها. لقد اتعبتني ولازمت حياتي سنين طويلة كنت احس خلالها كأن الارقام تعدو خلفي ولا استطيع منها فراراً واذا حاولت الاختباء تجدني اينما كنت.
أدركت اقتراب بداية جديدة في حياتي لا أعرف كيف ستكون، عدت إلى البيت مكسوراً، أحسست بوحدة خانقة وانتفض جسدي من مجرد ذكر كلمات موت ودفن وفراق...، فهذه أول مرة في حياتي أعاين فيها عن كثب الموت الذي سمعت عنه كثيراً، لكنه لم يقترب ممن أحب ، ولكن كيف قبض الموت بيديه القويتين على جسد من أحب وسحبها من الوجود.
عشت لسنوات على أمل أن تفي بوعدها الذي وعدتني إياه وأنا أمسك بلحافها الأزرق عند بوابة السجن: «ما تخاف راشد، أجي أشلّك لما أطلع»، كل ما كنت أريده من الحياة أن تصدق في وعدها وأن تأتي، أن تحتضنني وأن تضمّني وتروي عطش قلبي وجفاف روحي، لكنها لم تأتِ، تركتني وحيداً أصارع وحش الحنين والشعور بالفقد، مرات عديدة كنت أصرخ، لقد كذبت؛ وأصبح كل شيء في هذا العالم بعد كذبتها، مجرد كذبة، كذبة كبيرة أحياها؛ كي أبقى متمسّكاً بخيط الوهم الأزرق الذي يأخذني إليها كل مساء، وأنا أشم رائحتها التي لا تشبه رائحة امرأة أخرى غيرها.
في مغامرة من الخيال العلمي يسافر المهندس خلفان وطاقمه من الأرض إلى كوكب خارج النظام الشمسي بعد أن تلقت الوكالة التي يعملون فيها ذبذبات إغاثة من كوكب هوبانا. ترى ما فحوى ذلك النداء المجهول ؟ … وما هي المشكلة العويصة التي من أجلها بعث النداء المجهول ؟ … وكيف استطاع المهندس خلفان وزملاؤه من مساعدة سكان كوكب هوبانا ؟ … وما هي مشكلة كوكب أخفوش ؟ … كل هذا ستجدوه في رواية (سر الياقوت الأحمر).
اكتسب سؤال التصوف راهنيته من كونه معراجاً خاصاً لروح الإنسان، ملاذه الآمن وعزاءه المؤجل... والإنسان في عُمان ليس استثناءاً من ذلك، على العكس، فإن الجغرافيا والتاريخ والثقافة والأفكار، فجّرت في داخله تساؤلات وتوجّسات، شكوك ويقينيات، قلق واطمئنان، بثّها بأشكال عِدّة، منها ما انعكس على سلوكه ومنها ما أودعه في مدوناته. لذا، من يفهم التصوف في عُمان يقترب من فهم الإنسان، أولم يكن التصوف يوماً الضوء الذي يستأنس به هذا الإنسان في طريق بحثه عن المعنى بلوغاً إلى الله. التصوف كفكرة وخياراً وسلوكاً، وكتجربة، ورحلة ويحاة في عُمان تستحق جُلّ التأمل والدرس. إذ، لم يعد كافياً الركون على المقاربة الدينية لموضوع التصوف، ولا زاوية النظر التاريخية بوسعها التصدي لمهمة معقدة كهذه، التصوف أكثر وأعمق من هذا كله. لذا، كانت بذرة هذا الكتاب: إعادة قراءة تجارب ومدونات أهل التصوف والسلوك في عُمان من زوايا نظر متعددة، وعبر عصور وحِقب مختلفة. ليس احتفاءً بعطاءاتهم والإضاءة على إشاراتهم التي تركوها فحسب، بل ونقداً متسائلاً في عباراتهم التي وثّقوها أو نُقلت عتهم. حث لا إدراك إلا بالتأمل في مجاز الإشارة وجلاء العبارة.
أكتب اليك من عالمي المسكون بالوجع والخيبة والجراح الى عالمك المسكون بالسكينة والطمأنينة وأهمس في أذن روحك لا أريد أن أتذكرك فلا يتذكرك سوى من استطاع نسيانك يوما أريد أن أحياك بكل ما في هذا القلب من حياة فما أحوجني للبوح ما أحوجني لكتابة رسالة لقلبك المحب الصادق ما أحوجني اليك لذلك أستعيدك رغم الغياب ورغم الفقد أستعيد كل تلك اللحظات التي كونا فيها معا ها أنا أمشط الطرقات وحدي أبحث عنك عن رفيق أبثه همي أضحك معه بذات الصدق الذي كنا فيه معا أنازعه كما أنازع نفسي فأنا ما كتبتك وأنت على قيد الحياة ولكني أكتبك اليوم وأنت على قيد الموت لأقول لك كم أنا بحاجه لأن أتحدث اليك كما كنت بحاجه لأن أقول لك كل ما في هذا القلب من ألم الحكايات في غيابك لأبكي بحجم كل هذا الفراغ الذي أغرق فيه حتى الأختناق.
ربما لن نخفي اعتقادنا بأن القصة القصيرة في عمان هي القادم الجديد. ولعل الرائي من الأرض إلى السماء عبر الفراغات التي تحدثها الريح لدى تحريكها لسعفات النخيل، قد يتراءى له أن هذه السعفات هي التي تحرك ببطء قرص الشمس الذي ربما لم تعد تحركه قوانين حركة الأجرام الكونية، بل قوى الحدث الذي ينسج في البعيد. يأتي هذا الكتاب ثمرة جهود عامين متتاليين من نشاطات فعاليات أسرة كتاب القصة في عمان، بالنادي الثقافي، والتي انتظمت في أكثر من أربعة من أمسياتها الدورية في الفترة الممتدة من يناير 2007 إلى يناير 2009. وبطبيعة الحال فإن القراءات القصصية والنقدية المتضمنة بين دفتي هذا الكتاب هي بعض مما أنجز في الفترة المذكورة، ولا تمثل إلا توثيقاً جزئياً تم اختياره بشيء من الانتقاء ليمنح قارئه فرصة التعرف على بعض التجارب القصصية العمانية الحديثة.. وقد أدرج معدا الكتاب في نهايته ببليوغرافيا بالمجموعات القصصية التي صدرت لكتاب عمانيين في الفترة ما بين عامي 2000 و2008.. نأمل أن يصبح هذا الكتاب مرجعاً مفيداً يضيف رصيداً معرفياً للقارئ والكاتب والناقد المتتبع لنشاط الحركة القصصية وكتابها في سلطنة عمان.
يكمل الكاتب راشد الجديدي ما بدأه من فصول ملحمة للموت حكايات. يأخذنا مع فاطمة التي هربت بطفليها من زنحبار إبان إنقلاب 1964 وما حصل فيه مجازر شنيعة وتنكيل، إلى وصولها إلى بر عمان والأحداث التي مرت بها هناك. كذلك تتحدث رواية سفر الغواية عن دينيس التي بقيت في الجانب الآخر من البحر (زنجبار) وكيف نجحت في الانتقام من قتلة زوجها الذي صلب وقتل في الجزء الأول من الثلاثية الملحمية.