أدب الطفل في عمان استحوذ على اهتمام واسع من قبل الأوساط الثقافية والتربوية والفنية على وجه العموم، فقد كنا في ثمانينيات القرن الماضي بالكاد نجد شاعراً أو كاتباً في أدب الطفل، بينما أصبحت الساحة الثقافية العمانية الآن مليئة بهم سواء تلك الأقلام التي مهدت الطريق لأدب الطفل، أو الأقلام التي صقلت نفسها، وظهرت لاحقاً لتثري الساحة بالشعر والقص الطفلي، وصولاً إلى المسرح الذي برز كفنٍ أصيل يرقى بذائقة الطفل، ويسمو بقيمه ومعاييره الجمالية والفنية. هذا الحراك شجع الأديب العماني المهتم بأدب الطفل ليطرق مختلف الأبواب حتى يبرز إنتاجه الأدبي، وأسهم الاهتمام بطباعة مؤلفات الطفل في زيادة معدل الإنتاج في هذا المضمار، وصولاً بإصدار مجلة مرشد للأطفال التي تصدر عن مؤسسة عمان للصحافة والنشر بشكل شهري، وهي تحتضن أقلاماً عمانية من المتحققين والصاعدين في هذا المجال. ويأتي هذا الكتاب ليضع بين يدي القارئ نماذج مختارة لنتاج الساحة العمانية الوفير في مجال أدب الطفل، وقد تم تخصيصه لمحاور ثلاثة، هي: الشعر، والقصة، والمسرح.
لم يكترث البناء الفني في قصص "عندما كنت أجيد الطيران" بالذات لإعادة إنتاج شعور داخلي عابر بين جدران تضم أفواها تتنفس حزناً وإحباطاً، إنما برغبة حس عال ورصد متعمّد ترقب الذات الكاتبة واقع مجتمعها، وتنسج حوله قصصًا بطريقة فنية تجعل قارئها في كثير من قصصها العشر بين متعة القراءة ولذة العوالم المتخيلة، فإن خفتت الدهشة الصادمة أو ضمرت في بعض المرات؛ إلا أن النهايات ظلت مثل شجرة معتنى بها لتكون الصورة جميلة والمعنى يانع.
تجر القيد في قدميك، تتحسس الدم النازف على الأرض من أثر حز القید، تصرخ للجدار الذي تبثه نجواك كل يوم وأنت تسند قامتك المتهالكة عليه :(هذا ما نذرتني له يا أبي!). لم تنس ذلك اليوم وأنت ابن الخامسة، حين سقطت البندقية من يدك وأنت وقبل أن تحاول اللحاق به في مشيه السريع. إنه الريح إذا مشى كما قالت لك أمك، تنحني الأخذها، أوقفك صوته الهادر الأشبه بطلقة رصاصة إذا انطلقت ستصيب في مقتل. يا لهذا الرجل الذي يزرع في قلبك الرعب والأمان في وقت واحد!. أحرقتك شرارة الغضب من عينيه وهو ينهرك (الرجال ما يطيح تفقه، وإذا طاح ما ينحني، كن رجلا أو لا تكون) وحينما حاولت أن تأخذك بين يديها كي تخفف عنك وجع ما أصابك انتزعك منها، فتتبعه من جديد، وليسقط أي شيء عدا البندقية التي تظل مسكا بها، متوسدا إياها، لاعبا بما لعبتك المعتادة في إصابة هدف لا تخطئه. تسير في دروب (عين السواد)، على أرض هي موطئة لقدم رجولته فتتبع أثر الهيبة المتبقية لشجاعة ما خلقت في قلب رجل سواه.
“في داخل كلٍ منّا جانب نقي صالح لأن يراه الآخرون، وجانب آخر سوداوي وشيطاني يفضّل أن يحتفظ به لنفسه، ولكن صوت الضمير يفضحنا. يلومنا، يجلدنا يتهمنا بالتقصير، والعقوق والبخل والكسل والإهمال، وكل ما يؤثر على كمال أعمالنا وواجباتنا.”
لكنه سرعان ما تراجع عن فكرته تلك حال تذكره بأن من أغرق ساعد ليس عدا تلك الجرافة الواقفة في بحرهم، في مياه غبة حشيش الضحلة لا في أية مياه أخرى. وهي، وليس غيرها، من يجب أن يطاله القصاص. فيما الذي ستستفيد منه الخلوف وأهلها لو هو أحرق تلك الجاثمة على صدر اللبيتم؟ الجرافة التي جاءتهم بالشوم ستبقى عالقة على خاصرتهم. ثم كيف ستعرف العربان أن الخلوف انتقمت وغسلت عارها بذلك؟!! الأولى والأكرم له أمام أهله وأهل الصحراء أن يحرق من قتل أخاه حتى يصل الأمر للجميع. بعدها وبعد أن يشعل الشرارة الأولى، ستتوالى عليه أخبار احتراق بقية الجرافات في بحر العرب، بعد أن يكون قد ألهب بفعلته تلك الهمم والعزائم في نفوس البدوان.
في السادسة والنصف من هذا المساء لن يعبر غراب الربع الخالي فوق مبنى البنك المركزي في الحي التجاري بروي؛ لأنه لسنوات طويلة تلا وصاياه، وصرخ في وجه الكارثة، وقال للبلاد والعباد ما يقوله الشاعر للقصيدة، ما تقوله الرصاصة للقتيل، ما تقوله الشجرة لناي الصوفي، ما تهمس به الجبال للرعاة والجفاف، ولكن البلاد والعباد اتهموم بالجنون والحسد والخيانة.
"كيف لامرأة مثلي أن تعالج جروحها دون أن تخسر الصورة التي يراها من حولها زاهية مبهرة، وكيف لي أن أحافظ على نفسي من الضياع والانهيار والسقوط في وحل الهم ومستنقع الحزن واليأس الذي ينهش كل شيء في"; "فراغ من حولي فلا صوت ولا صورة. وحيدة أقف في دائرة ضبابية. لم أعد أشعر بالمكان والزمان، وعقلي يفكر ي لا شيء"; "أنا امرأة لم يكن ينقصني غير أن أسلم روحي وجسدي لمن يعرف كيف يقدرهما، لمن أشعر بين يديه بالسعادة والأمان والراحة والاطمئنان، لمن يحترم تفاصيلي وينتشلني من وحل أوجاعي وهمومي"
هذه المقالات كتبت في الأصل لتأثيث زاوية أسبوعية بصحيفة "العربي الجديد" اللندنية, ولأن الحياة "ركض حتى في السكون، وعواصف ورعـود لـكل مـن يطـل مـن أي نافذة على العالم"، كما يقول محمود الرحبي، فقد حاولت هذه المقالات أن تتصادى وتصغي لهذا الإيقاع في أضيق حدوده. ولا يخلو الأمر من تماسّ مع حميميّات وقراءات وشخوص ومواقف ما كان لبعضها أن يذكر لو لم تربطها علاقة بالكاتب. وهذه طبيعة عضوية في المقالات الحرة المفتوحة على رياح الحياة وتحوّلاتها.
"تقول الرواية أحيانًا ما لا يقله التاريخ". رواية ( فتنة العروش) أول سرد أدبي يميط اللثام عن أحداث تاريخية كثيرة في حياة ملوك النباهنة بشكل عام ويضيء سيرة الملك الشاعر سليمان بن سليمان النبهاني بشكل خاص.
في هذا الكتاب غصت حتى وصلت إلى قاع المجتمع وسبرت أغوار أطيافه المختلفة غنيهم وفقيرهم مريضهم وعليلهم عالمهم وجاهلهم، فتلمست الفرح داخل كل فرد من هؤلاء ورأيت من اكتمل فرحه ومن اكتمل حزنه ومن هو بين هذا وذاك وعلمت أن أسوأ هؤلاء حظا هو من لم يكتمل فرحه بعد.طفولة تبحث عن فرح لم يكتمل، ومريض يبحث عن أمل عند طبيبه ليبقيه قريبا من الفرح، ومعاق يأمل في تخطي صعوبات الحياة وتحدياتها ليرسم درب للأمل وللفرح، ووباء جاء الى الأرض لينسيها الفرح وينشر بدلا منه الحزن لكن عزيمة أهلها بدلت الحزن الى فرح وان لم يكتمل بعد، وأسماء شعرنا بحزن عليها غادرت دنيانا بعد أن كانت تنشر الفرح بيننا.