آدم عليه السلام نزل على الجبل الأخضر، تلك حقيقة لا يمكن لأحد إنكارها بعد اليوم، يجزم بذلك البروفيسور سالم الكندي عالِم الأنثروبولوجيا المعروف دولياً ، وكان يُجهّز الدلائل العلمية لإثبات ذلك الاكتشاف المثير للجدل. لكن يواجه من يسعى لتحطيمه وتدمير مشروعه الخطير ذاك ووأد نشاطه العلمي الخصب، ربما لكونه عربي في المقام الأول ويحاول الخروج عن المألوف. مروة الأردنية الأمريكية، طالبة الماجستير، الجيولوجية، التي وكأنها خرجت من بطن أحلامه القديم لتتجسد حقيقة باذخة الجمال أمامه، كانت الأداة التي أرسلت لتحطيمه كما صدق بذلك في سرّه، فهل وفقت في هدفها أم أن البروفيسور كان له رأي آخر رغم استسلام روحه لها.
وعندما قالوا في بلادي لا تعط الخيط والمخيط؛ حتى لا تقع في المشكلات، أيضا ضربت بهذه المقولة عرض الحائط، فظننت أن القلوب في كندا صافية زرقاء كالسماء، لا يمكنها الخداع، حتى وإن بصقت بعض الأسر بأبنائها في الشوارع يمتهنون مهنة التسول، أو نشل جيوب الشرفاء، أو حقائب البسطاء، فهم حتما مهاجرون كان وراءهم سبب لا يعلمه إلا الله، ولا يمكنهم أن يسرقوا من الأغراب؛ خوفاً على بلادهم من الانحطاط السياحي أو الاقتصادي أو الأمني..
لا يعلم الجميع عن حقيقة الطفل الذي يسكننا، بل يتجاهلونه ولا يظهرونه إلا للأشخاص القريبين منهم، هل تعلمين أن تحملين بين أضلعك طفلة جميلة؟ هي من تساعدك على الكتابة والإبداع، أرجو حافظي عليها ولا تقتليها، هي من تردك الأصلك الطيب، للبراءة التي تسكنه أنت عفوية جدا، للحد الذي أراك فيه طفلة، وأشعر تجاهك بمشاعر الأبوة أنت طفلة كثيرة الكلام، كثيرة الحركة، مشاكسة كثيرا، أنت تخافين أن تهدأ روحك يوما فتخفتين، وتنطفئين، أحبك يا طفلتي.
في مساء قائض من مساءات عام 1984 كنت أرقب حركة طائرة تحلق في سماء قرية شيدة، القرية المستكينة بهدوء ودعة أسفل سفوح ثلاثة جبال شاهقة، أين يمكن أن تذهب هذه الطائرة في مساء مسكون بحكايات السحرة والمغيبين وأصوات هوام الليل التي يتردد صداها في هذا السكون الموحش.
أستطيع القول أن قصائد احمد قرَّان الزهراني بما توافر لها من ملمح استثنائي في استخدام اللغة وفي التعامل مع جوهر القضايا وجوهر الأشياء يضعه ضمن أبرز شعراء الموجة الأحدث في قصيدة التفعيلة، هؤلاء الذين يواصلون إصرارهم على إعطاء القصيدة الجديدة تجلياتها العربية وجمالياتها الفنية الطالعة من موروث حضاري شديد الغنى والمفتوحة على ثقافات العالم. أ.د.عبدالعزيز المقالح
مرة أخرى تظهر المرأة.. بيدها خطاب.. تبحث عن من يطلقه عبر الريح.. عن بحار مغامر.. الخطاب معنون باسم "حمد بن علي الحسني" مكتوب بداخله.. (ارجع مسكد كلها دروب). هل جربت يوما أن تحلم؟.. فرصتك يا عبيد. يقول رجل بحماس ظاهر لقد تحققت أمنية الرجل الذي قال.. نحتاج من يقلم مخالب البحر.. هيا يا عبيد.. لا شيء أكثر أمنا وحرية مثل الحلم. ثمة رغبة لا شك تسكنك لإعادة ترتيب الأشياء، ثمة صرخة مكبوتة في داخلك منذ ولادتك، قطرة ماء لترطيب صحراء جسدك، وثمة شيء ما سوف يحدث، هكذا تقول السماء.
النصوص التي أكتبها لم تعد ملجأ لفرط ما توسلت الهدوء، إنها تقاوم من أجل أن تستكين الضوضاء تسلب تضاريسها، تطمس عنوانها وعنفوانها. كنت واجمة بتناقضي وقناعتي أمام نعش هذا النص الذي ظننته مقبورا لأرضي ما تبقى من ضميري لأنني في الحقيقة بعث نصوصي للرياح واختلقت الأمر وذلك قد يحدث للكاتب حينما يتخلى عن نفسه، وعن أحلامه ،وبقايا رفاته !
تهتزُّ موائدُ السَّحّرة الجوعى في انتظار الذين لا يُذكرون في مجاز، أولئك الذين قرأوا الممنوع من كتب السحر والنجوم وقصص الأعاجيب ومصارعة الثيران وأسرار العين المطمورة ووصايا الموتى! وعندما تأكلُ الرّمَّة دماغَ حفيدة "بثنة الثائبة"، تصبح تلك علامةً كافيةً لقراءة كتابٍ بلغةٍ بائدة، ودخولٍ مُجازفٍ لقرية مجاز المُغلقة من كلِّ اتِّجاه
في مباريات ملاعب القرى والحارات، تنفذ ركلة الخطأ (الفاول) لأن أحد اللاعبين أقسم بأن فلانا لمس الكرة، ولا تنفذ ضربة الجزاء إلا إذا سالت دماء أحدهم جراء إصابة، حينها يصبح الدليل غير قابل للتجاوز على عرقلة تستحق ركلة من داخل منطقة الجزاء. يتطور الأمر ويصبح أقرب إلى مباراة حقيقية متى اقتربت بنية الملعب التحتية من صورة الاكتمال، وما عدا ذلك فلا شيء أكثر أهمية من متعة اللعبة نفسها.
"لست أعرفني" قصائد في الشعر النبطي تتخللها نصوص فصيحة للشاعر محمد سالم المسلمي، تغلب عليها حضور الأنثى عتابًا واشتياقًا، ومساءلة الزمن، والمصير، والأصدقاء، والأرض. يقول في نص "حلم السراج": "لا صرت أنا ذاك الضرير اللي عشق حلم السراج، والريح تعصف في ضلوعه أسئلة وانتي الطريق، أبسألك وانتي الربيع اللي ذرا بعيني العجاج، وش هو نهاية عشق هذا الليل لاحضان الحريق"
قال له صديق قديم كان يزوره في نهايات كل أسبوع: عليك أن تغير مكان إقامتك، مثلك ينبغي ألا يسكن هذا المكان المتهالك. يدرك هارون الرشيد أن هذه البناية التي تقع على ضفة شارع الفراهيدي قبالة مسجد السلطان قابوس في روي، ما عادت تتحمل أمثاله. إنها بناية تئن تحت وطأة الروائح الزنخة القادمة من وراء البحار! يدرك أن لديه القدرة الآن على أن يختار المكان المناسب الذي يريد، لكن المكان المناسب هو هذا المكان، فشقته هذه تذكره بأن احتمالاته ما زالت غير مضمونة تماما، كما أنها تحمل ذكريات لا يريد الاستغناء عنها، ذكريات صاخبة جدا، ذكريات أغلبها حلولا مرارة فيه. قبل عدة سنوات فقط كان جرس الباب سيصدر نغمة مألوفة له، سيبتسم حينها، ويفتح الباب. ها هي غرايس تطل من خلف الباب، تطل بهيةً نظرةً، مملوءة بالحياة. ستقول له: أي ميس يو! سترتمي في حضنه قليلا، وتهديه قبلةً عاشقة، قبل أن تعاتبه لأنه لم يتصل منذ يومين.
شيء غريب يقترب مني، يخرج من الظلام، لا أميزه، جسده كالثور، أذناه مشعرتان، عيناه صغيرتان كعيني قط.. وهو يقترب مني كثيرًا، وأنا أرتعد.. أتصبَّب عرقًا؛ إنه.. لا، لا، أرجوك، لا تقترب مني، انظر إلى الخلف، يا إلهي!، هاوية سحيقة تحتي.. وهو يقترب مني، يد كبيرة تخرج من فمه، تنتزع لساني، يسحبها حتى تتدلَّى على صدري. دم أحمر متخثر يخرج من أنفي؛ إنه.. يسلخ جلدة رأسي.. آآآه. حلقي يتشقق. يغرس أظافره في محجري عينيَّ، يخرجهما.. أسحب جسدي إلى الخلف.. آآه، إني أسقط. يرتطم رأسي بحجر كبير، وأنا ما زلت أسقط، أسقط.. آآآآه، بلا نهاية، أحس أني سأرتطم بالأرض... سأرتــــ ط ... آآآآآآآآه ...