اتجاه نقدي عربي يطابق التجربة الصوفية بتجارب الابداع الأوروبي الحديثة والدادائية والسريالية، وما أعتقده أن المطابقة بينها تحمل خطأ كبيرا في التقييم بسبب اختلاف الظروف الزمنية لنشأة كل من التجارب واختلاف أمكنتها، وما يجريه الباحث قريب مما نذهب إليه وهو الربط بين الشعر الصوفي في توجيه المثالي نحو الله، والشعر العذري حيث يتعلق المحب بمحبوبته تعلقا مثاليا ويتملكه شعور أخلاقي يعلي به غرائزه، محاولا مثلما كتب أستاذه عاطف جودة نصر: "إيجاد نوع من التوافق والتجانس بين ما يرغب فيه وما يخشاه في نفس الوقت".
لا أرسم الحياة ولا أقتات من اليقين، هو توفيق الله الرازح في كل مخمصة ونيرإ لم يكن السكراب معنمداً يوماً على نوع معين من العربات الامريكية، ولم تكن ذاكرتي تخمن طريقة بيعي وشرائي لتلك العربة أو الأخرى، بل هو العقل والفلب معاً حينما يجتمعان يستتان كل معنقد أو موروث سلبي علق في الذاكرة.
إذا كان المكان -بالمعنى الفيزيقي- هو تلك الأمكنة المتعددة التي تحيط بالذات الإنسانية في حياتها العامة، فإن اللغة في الكتابة الأدبية ستحول المكان من وصفه هذا إلى نظام من أنظمة المعطيات المحسوسة التي ستشكل النص الأدبي وتحدد معالمه وعلاقاته من خلال تحويل العالم إلى أنساق لغوية وميتالغوية، ولذلك فإن السيميائيات (Semiotics) مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بعمليات الإدراك التي تقود الذات إلى الخروج من ذاته لينتشي بها داخل عالم مصنوع من ماديات قد يجهل عنها كل شيء، وفي هذا المجال يقترح بورس (Charles Sanders Peirce) رؤية فينومينولوجية للإدراك ترى في كل الأفعال الصادرة عن الإنسان سيرورة بالغة التركيب والتداخل، ولذلك فإن العالم خارجنا ليس هو العالم الذي يرى في الواقع الحقيقي بل العالم المرئي من منظور استرجاع وتذكر.
الشيخ عبدالله الخليلي من أسرة شعرية، فاض الشعر في شتّى جوانبها، فجده الأكبر – مفتي عُمان في وقته - الفقيه العلامة الشيخ سعيد بن خلفان، كان شاعرًا مُجيدًا بليغ الكلمة، وجده المباشر لأبيه الشيخ عبدالله بن سعيد، يعد من الشُّعراء الكبار، وجده لأمه الشيخ أحمد بن سعيد، هو شاعر كذلك، وهذه الأسرة الشعرية البارزة لم تكن أسرة شعر فحسب؛ وإنَّما هي أيضًا أسرة علمية فقهية توارثت العلم أبًا عن جَدّ على مدى قرون متوالية، وقد ورث الشيخ عبدالله من آبائه وأجداده علوم الفقه واللغة والأدب، إضافةً إلى الشَّعرِ الذي برز فيه. الصفحة 98
"هذه رواية مجنونة.. مُقلقة.." تستخدم رواية "الصوت" البناء الموسيقي في تشكيل حركاتها، سيمفونية تتصاعد تدريجيا بتصاعد الأحداث وحدّة الصوت الموسيقي القادم من المجهول. ذلك الصوت الغريب الذي ينتشل البشر الموعودين بالسعادة على ما يبدو للوصول الى الحلم أو الوهم. ذلك الصوت قادر على أن ينتشل القارئ معه الى حدوده الغرائبية، ليعيش معه ومع تفاصيل رحلة صعبة الى العمق، عمق النفس. ثمة من يبقى هناك وثمة من يبرح المكان. لكن المؤكد أن هزة عنيفة ستخلفها نهاية الرواية لدى القارئ، وأسئلة من الصعب الإجابة عنها بصراحة. تضيء الرواية لهاث النفوس المحطمة للوصول الى تحقيق تلك الأمنية التي تعيش في داخل كل منا، لكنها تكشف كذلك تشظيها بين أن تتمنى وأن تعيش الأمنية. ذلك التشظي التي تزداد حدته مع ازدياد المعرفة. رواية تمزج بين الشعر والنثر، الموسيقى الناعمة مع الصخب، الفرح مع القلق، السعادة مع الألم، الوصول مع التيه.
المجدُ لكُلّ فاصلةٍ، أو علامة تعجّبٍ... لكل علامة ترقيمٍ في نصٍّ شفيفٍ يرقصُ مزهوًّا في غاباتِ بوليفيا أو أدغالِ الهند أو يثملُ بالنّدى من ثرمدٍ وحيدٍ في الرّبع الخالي! المجدث للقصائد العذراء وقصص السحر المجهولة في كهوف العالم.
هكذا فجأة، استيقظت لأجد نفسي أمشي في شوارع رام الله، وأجوب الخليل ونابلس وبيت لحم. وفي صور أخرى أقف عند قبة الصخرة وأصلي في بيت المقدس، وهنا في صورة ثالثة عند منبر صلاح الدين الأيوبي داخل الحرم الإبراهيمي، وأقطف الزيتون، وأعيش حصار أبودیس، وطلقات الرصاص، وتهجير شعب من وطنه، واستفزاز المستعمرين، وقطع الطريق، وأقف عند الحواجز، بغية الوصول إلى الجهة الأخرى من المدينة. كل هذا الوجع، لا يساوي شيئا، أمام فرحة أم بخروج ابنها الأسير بعد ثلاثين عاما من الإذلال في زنازين الاحتلال، أمام رقصة فرح تشعر فيها أنك إنسان آخر، غير الذي تعرفه. أطلق ساقي للريح، أحاول أن أهرب من واقعي، فاصطدم بمرارته في غدي الآتي.. فالأم التي فرحت بعودة ابنها الأسير، اكتشفت أنها وقريتها، تعيشان في الأسر، وتقبع في سجن بداخله سجن أكبر.
من أعماق الحسرة آتيك منكسراً.. فأنا اللابق من الجحيم غيابك إلى شقاء حضوري وأنت المنعقدة عليها أمنياتي حتى النزع الأخير.. وعدتك ذات مساء بنشر تماتمك وها أنا أفعل.. فشكراً الثعابين حبك التي لم تكن سوى كيد ساحر..!
غضب مسعود حتى بدأت يداه ترتجف. لقد كانوا على بعد أمتار قليلة من دخول جنة من جنان الله هنا. لقد كانت يد الله ترعاهم. أخرج إبليس آدم من الجنة، وهذا الملعون مثله أخرج أبناء آدم من الجنة أيضا. تتلألأ دموع عصية النزول في عيني مسعود. يحاذون حجر إسماعيل. كل الذي كان يردده مسعود: لقد رأيتك مرة واحدة فقط، ولم يقدرك حق قدرك أحد...
”بدرية الشحي هي أول إمرأة عمانية تكتب الرواية بمفهومها الفني والحرفي بل يمكننا القول أن رواية( الطواف حيث الجمر) هي العمل الروائي العماني الأول بالمفهوم الأدبي الإحترافي.” فاطمة الزهراء حسن شبكة أخبار المستقبل، 2013 “الرواية برمتها تطرح سؤالاً يتعلق بطبيعة الوجود العُماني في شرق أفريقيا: هل كان فتحاً أم غزواً؟ وهو سؤال له مغزاه، ويجيب عنه المكان ( أرض أفريقيا) بما يقع عليه من أحداث تنطوى على دلالات.” آسيه البوعلي المدونة،2011 ” الطواف حيث الجمر هي أول رواية لكاتبة عمانية. هي قصة كفاح امرأة للوصول إلى حبيبها الذي هاجر من عُمان إلى زنجبار، وبلغها أنه تزوج من إفريقية، وبدافع من الغيرة والتحدي للغريمة تكسر البطلة الأعراف العربية التقليدية وتسافر إلى تلك البلاد الغريبة بحثا عن حبيبها.” محمد ولد محمد سالم جريدة الخليج، يونيو2010 ” الرواية تزخر بتصوير الأماكن ووصفها وصفا دقيقا يجعل القارئ يشعر بأنه لا يقرأ مجرد كلمات وإنما يعايش مقيتة أحداث مقترعة بأماكن حدثت فيها.” شريفة اليحيائي مجلة نزوى، 2000
بعد العطاء الكلي الذي يستنفد في علاقة الأصل فيها كان الفراق لا يأتي إلا الحرمان الكلي، وكل علاقة تنبني على الحرمان هي ليست عادلة، لا تبدأ سريعا. سيجتاحك الفقد أكثر وهذا سيعلمك، سيفهمك. الم أندم على شيء كما ندمت على وقو السريع بعد كل نكبة! … أجب علي متى ما أردت، وفي الحقيقة لا يحزنني أن ترسل إلي رسالة كلامها محذوف بالكامل. أيها الطين لا تنس أنك أملك الوحيد، لكل الأشياء التي تستحقها : فليكن بعد ضلالك الإيمان.
بدأت العصافير المرتعشة تتابع يدي الأسد ذواتي المخالب والعروق النافرة، يدان تتحركان وتمسكان المعدن الذهبي للحزام الأسود. تفتحان المعدن الذي حرر الحزام من وسطه وتحول إلى أفعى، لف رأسها حول كف يده اليمنى. العيون الصغيرة ذبلت وقلوبها تحاول الطيران إلى بيوتها. مشى ببطء إلى آخر القفص، وبشكل مباغت وجّه ضربة قاسية إلى العصفور الذي كسر خوفه بالضحك. صرخ بحرقة، أما بقية العصافير فبلعت صراخها وطارت قلوبها أمامها. بعد ذلك سحبه من دشداشته ورمى به خارج الباب. تكور مثل حشرة مهروسة لا تستطيع حتى أن تئن. بعدها لمحه الجميع يمشي مطأطىء الرأس والجدران تتقاذف بكاءه. ازادد خوفهم مع كل دقيقة تزيد في أعمارهم. انتهت لعبة المرح وازداد خوفهم. ازداد وما زال يزداد حتى هذا اليوم.