كانت رحلاتي بكل ما تحمله الكلمة من معنى مؤثرة باتجاه البلدان الفقيرة وهي التي خلفت أثرا إيجابيا في نفسي، لذلك فأني مدين لكرم أهالي العائلات التي استضافتني وتعاملهم معي محتفظا بكل الذكريات الجميلة معهم. لقد أيقنت أخيرا بأني وقعت في حب الشعوب الفقيرة، ولا أمانع أن أكملت بقية حياتي معهم، فهم يعيشون سعداء حياة ملؤوها حب وتفاني وأكتفاء.
مجمل القول إن الناس في هذه البلدان بدءَا من السودان ومروراً بأثيوبيا وكينيا يعيشون في بعض الأمكنة، منها ما كانت الأوضاع الصحية للقاطنين بها صعبة، ولا ترقى إلى المأمول منه، وهم طيبون وكرماء بالرغم من بساطة حياتهم، ويكفينا استمتاعنا بكثير من الحبور الذي شعرنا به في هذه الرحلة عندما تظهر أمام أعيننا خضرة وأشجار النخيل ونحن نخترق التربة الحمراء في الأرض واللون الأزرق في السماء. وبعد تلك المشاهدات هاهي تنتهي حكايتي هنا، متمنيا أن أكون قد قدمت عملا ذا فائدة وتمكنت من أجعلكم ترافقونني إلى كثير من البلدان الرائعة في طريقي، ومنها أمكنة بعيدة عن سلطة الدولة، حيث يتعايش فيها البشر والطبيعة التي كانت هي المهيمنة بعدما ادهشتني وجعلتني حالم تحت سماء مرصعة بنجوم لا حدود لها.
المرء في صباه الأول يستمع إلى كثير من الأخبار والحكايات من أمهاته وآبائه فتمتلىء ذاكرته بالشيء الوافر منها ثم مع مضي الزمن وتقلبات الأيام ومع ازدحام الذاكرة بما يتراكم فيها من حوادث جديدة وأخبار متنوعة في مسار حركة الحياة الممتدة يبدأ تساقط تلك المعلومات وذهابها شيئا فشيئا وعندما يصل الإنسان إلى سن معين يكون أغلب ما وعاه في طفولته وشبابه قد تلاشى أو كاد ولا يظل منه إلا القليل.
نعمت أحلام لم تنقهر عن الطموح وإن جثمت صروف الدهر على صدرها، وأطبقت أيدي الأيام على خانقها. أحلام تأبى الاستهانة والانهزام، وتشق صخر الواقع الصلب بقوة صدقها وصلابة إيمانها بمعتقداتها. أحلام تظل تغرس جذورها في باطن الأرض وأعماق طبقاتها، لتنمو حرة طليقة ثابتة الرسوخ، تمد أغصانها وترسل فروعها عالية في أفق السماء، مخضرة الأوراق شذية الأزهار يانعة الثمار وارفة الظلال.
لأجل مشاركة القارئ العربي في إعادة التعرف على القصة الروسية القصيرة، جاءت ترجمة القصص التي بين أيدينا، من خلال طيف منها، صغير ومحصور، ولكن ألوانه متنوعة، تتضمن أسماء بارزة ومؤثرة في الأدب الروسي المعاصر.. حيث الأسئلة الوجودية الكبرى مطروحة مع أحداث الحياة اليومية أو على خلفيتها، تكشف لنا ابتعاد الكتاب الجدد عن القضايا الكونية واستبدالها بالتفاصيل الحياتية المتدفقة واللحظية..
(كتاب باللغة الألمانية) Der Omanische Schriftsteller und Reisende, bereiste 70 Länder. Er lebte zeitweise in verschiedenen Gesellschaften. Bestieg 12 Berggipfel auf seiner Tour als Weltreisender.
لم يبق بصحراء، الليل الموحش منك، سواي.. لم يبق بها، بعد ذبول ضيائك إلاي، لم يبق سوى.. نفسي الأمارة بك.. ودموع الظلمة، في كأس أساي، لم يبق سوى همس، ظل بذاكرة الأمس، وأشلاء بقاياي
بدأت العصافير المرتعشة تتابع يدي الأسد ذواتي المخالب والعروق النافرة، يدان تتحركان وتمسكان المعدن الذهبي للحزام الأسود. تفتحان المعدن الذي حرر الحزام من وسطه وتحول إلى أفعى، لف رأسها حول كف يده اليمنى. العيون الصغيرة ذبلت وقلوبها تحاول الطيران إلى بيوتها. مشى ببطء إلى آخر القفص، وبشكل مباغت وجّه ضربة قاسية إلى العصفور الذي كسر خوفه بالضحك. صرخ بحرقة، أما بقية العصافير فبلعت صراخها وطارت قلوبها أمامها. بعد ذلك سحبه من دشداشته ورمى به خارج الباب. تكور مثل حشرة مهروسة لا تستطيع حتى أن تئن. بعدها لمحه الجميع يمشي مطأطىء الرأس والجدران تتقاذف بكاءه. ازادد خوفهم مع كل دقيقة تزيد في أعمارهم. انتهت لعبة المرح وازداد خوفهم. ازداد وما زال يزداد حتى هذا اليوم.
تبرّعي بخصلات شعرك الطويل.. لأطفال السرطان.. بتأوهاتك للخيول والبراري.. بدموعك لأنهار العالم الميتة.. بصلواتك الكثيرة لأرباب المكفور بهم.. بصمتك للصحاري المغزوّة بالإسمنت.. بعباءاتك لليل المغتصب بالأضواء.. بظلالك للأشجار المقطوعة.. بيديك لكل الشحاذين في بلدنا.. تعري من كل ما هو لك.. واجلسي قربي قليلا.. لا ييأس الوقت منك ولا الزمن.. فأنت، إذ تتناوشنا الأيدي نحو مثوانا الأخير، موئل قلوبنا ومثاب قصائرنا ومنتهی مقاصدنا في مرورنا النيزكي السريع كشعراء منكودین
الكتابة فعل الموسوسين، أولئك الباقون خلف الريح، تدفع بهم نحو.. العقل؟؟ اقتربت من الحرف الأخير، أتساءل: من أين نبدأ؟ وبين (الألف والياء).. ستة وعشرون سببا.. للموت..