عندما وصفه الشاعر أحمد عبدالمعطي حجازي بأنه "راهب متبتل في حب اليمن والثورة العربية". وضع إصبعه على العصب الحساس في شخصية الدكتور عبدالعزيز المقالح. فهو راهب في هدوئه.. لا تكاد تسمع صوته، عندما يتكلم يهمس ولا يتفوه بأكثر من جملتين قصيرتين الا اذا تكلم في الثقافة. وهو راهب في بساطته وتواضعه. هو عبدالعزيز المقالح الشاعر الكبير والأكاديمي والناقد الذي أخذ من الشخصية اليمنية بساطتها وعمقها التاريخي ومن الشخصية العربية كرمها ورفعتها ومن الشخصية المعاصرة حضارتها ومن شخصية الشاعر شفافيته وحساسيته.
يكتب عبد الرزاق الربيعي خطاه بحبر الأمكنة، متتبعا الكلمات ترتقي جبالا وسهوبا، يراها بعين الشاعر وهي تعبر ما بين الجفن والجفن، ويكتبها بجمال القصيدة إذا ما تمر بين الحرف والحرف. لا يوثق الخطى باعتبارها خطوات، بل نقوش على دفاتر من الرمل والماء. هي بقلم الشاعر خالدة مهما بدت منحازة لطغيان الطين مكتوب بالرمل والماء، بأنامله تبقى عصية على النسيان، والذوبان في محيط الذاكرة وصحرائها.
في هذا الكتاب ثلاثة نصوص مسرحية يتجاور فيها الشعر، والنثر، لينتجا موضوعة ذات سمات تعبيرية، وجمالية تمتلك نبل التوجه نحو الطفولة، وتستبد بها رؤية حصيفة لأن تضع بإزاء تلقيها ـ المؤجّج الحواس- الحكمة، والمعرفة، وخلاصة العبرة التي تحتاجها في بنائها القيمي المطلوب، يأتي ذلك كله في سياق من الوعي يستحضر مدركات الطفولة ومقدرتها على التلقي التي ما تزال غضة، ويتمثّلها يقيناً سلوكياً يذهب به إليها، كي تتفاعل مع ما حولها وتستوعب جانباً من الممارسات، والقيم التي تحكمه. د. علي حداد
هذا الكتاب، محاولة للاقتراب من عالم الكاتبة غالية آل سعيد الروائي، وقد طرأت فكرته بعد إنجازي الملف الذي أعددته عنها لمجلة "نزوى"، بتكليف من الشاعر الكبير سيف الرحبي، وبحثي في تفاصيل عالمها الروائي، وكان لابد من إجراء حوار معها، ولكن الحوار امتد، ففاض عن الصفحات المخصصة للملف، خاصة أنه أول حوار يجرى مع الكاتبة في حياتها، رغم أن علاقتها بالكتابة الروائية تعود إلى حوالي عقدين من السنوات، تطرقنا خلاله إلى عُمان السبعينيات، والظروف المحيطة آنذاك، وسفر الكاتبة للخارج، وإقامتها الطويلة هناك، وعلاقتها بالكتابة، وبالمكان الأول، وقضايا الكتابة، والحياة، وبعد انتهاء الحوار الذي استمر أياما، وأسابيع، حتى بعد نشر الملف في العدد الثاني والتسعين الصادر في أكتوبر2017م، طرأت ببالي فكرة نشره في كتاب خاص مع عدد من المقالات التي تناول بها عدد من نقاد، وأكاديميين، جوانب من تجربتها الروائية، فكان "دهشة ثلاثية الأبعاد".
لم أشأ أن تكون مجموعتي كتاب رثاء بالمعنى الضيق للكلمة، بقدر حرصي أن تكون سرداً لعلاقة مودة ورحمة مع رفيقة قاسمتني حوالي عشرين سنة بحلوها ومرّها، من جانب، ومن جانب آخر تكون ساحة لتأمل الحياة من خلال ثيمة الموت، وأسئلته الكبرى التي عجز المفكرون والفلاسفة وسائر البشر عن وضع إجابات لها، فظلت مفتوحة. ولم أتوقّف عند تلك النصوص، فخلال مراجعاتي، وتأملاتي، وجدت نفسي أعود منساقا إلى أوراق قديمة وجدت فيها بذور إحساسي بفقدانها، رغم إنّ حياتنا لم يكن ينغّصها شيء، لذا استدعيت تلك النصوص من مخابئها في تلك الأوراق التي نشر بعضها، وأضفت إليها نصوص ما بعد الفقد، لأخرج بهذه المجموعة وفاء للراحلة، واستمراراً افتراضياً، لمسيرة حياتنا المسكونة بالكثير من الذكريات الجميلة التي عشناها سوية، فأضحت وقودا يدفعني إلى عوالم متجددة في الكتابة، والحياة، والنظر للمستقبل.
حين قرأت نصوص الشاعرة عواطف العامري لفت نظري هذا التدفق العفوي لأحاسيس الأنثى، فهي تترك مشاعرها تنساب على الورق دون تدخّل، وتؤكّد أنها تكتب استجابة لرغبة ذاتية غامضة، وتدوّن ما يمليه إحساسها لن تتوقّف عن الكتابة إلّا بعد أن تشعر أنّها سكبت على الورق أحاسيسها كلّها!، فهي أقرب ما تكون مكتوبة بوحي الفطرة، والموهبة فقط، ولا يوجد تصنّع، ولا تزويقات لفظيّة، فهي تشبه النصوص غير الموقّعة التي يقولها أشخاص لم يسمعوا بكتاب” فن الشعر” لارسطوطاليس، ولم يقرأوا “الشعر والتجربة” لأرشيبالد مكليش، ولم يحفظوا بيتا واحدا من المعلقات السبع، ولم يزنوا القول بـ”ميزان الذهب”!
وكنت إذا ما عبرت حروف المساء تذكرت أمي طويلاً أرتب في راحتيها اشتياقي تقول إذا أذن الغيم صيفاً لأفق المسافر: "ولدت كما يولد الأنبياء" فقيراً.. يتيماً وترعى الشياه".
أغريت ساحرة الجبال بصوتك الليلي، هذا الذئب أعرفه، حكى عني حكاية طفلة نامت بحضن الزهر، تحلم بالفراشة.. بالهدية.. بالسحابة.. باخضرار الكون و لم تكن المسافة بيننا غير ارتحال الحلم، ذئب يتبع الخطوات نحو مدينة فضلى..
هي رواية الأسطورة .. والبحث عن أسطورة الرواية. تتبعها بشغف فوزية الفهدية حيث تتوارى الحكاية خلف الحكاية، لكنها تصر أن ثمة جانبا آخر لها، وحين نرويها تتبادل الأدوار معنا لتعود من جديد فتروينا، حيث فعل الروي أو الإرواء متتابع، وخلف الوادم ما يوحي بولادة مختلفة لا تتلاقى مع المسرود، ولا ما يريده السارد وهو يلاحق شخصياته، يفضلها حسب مقاسات الجبال والأدوية، ووفق انثيالات الكلام على ألسن الرواة جيلا بعد آخر.. العمل الروائي الأول للكاتبة فوزية الفهدية يأخذ قارئه بسلاسة اللغة وجمال الوصف إلى مساحات دافئة من القراءة. محمد بن سيف الرحبي
أشعلت سراج الأمنيات من جديد فلم أجد غير ظلمة تقيم على بعضها.. حاولت أن ألملم بقايا أوراقنا المنثورة لكنها الريح حملتها بعيدا.. بعيدا. وظل الليل مقيما في الذات إلى الأبد.