كنت هارباً فتلقّفني التاريخ، أخذني بعيداً إلى هؤلاء المشرقين بلون الحياة الجميلة عشت معهم، رحلت إلى حيواتهم فكتبتها كما تخيلتها وعشتها، عشت معهم وعاشوا معي شهورا من الدفء والحنين شهوراً من الحضور والوعي والتجلّي، شهوراً هي الحلم الجميل والخيال المشرعة أبوابه لأفق الجمال وها أنا أشاركك التجربة أشاركك المتعة والفائدة تجربة مثيرة، لأنها ترسم ملامح عهد بعيد مشرق لأنها تلقي الضوء على شخصيات يكاد يلتهمها التاريخ لأنها تصوّر واقع البلد ثقافيا ودينيا واجتماعيا.
«شرفت في الفترة من الخميس ٢٥-صفر إلى الثلاثاء 30-صفر-1433هـ بزيارة العراص الطاهرة، والبقاع المقدسة، فقد وطئت قدمي أرض مكة -زادها الله شرفا وتعظيما- ليلة الخميس الخامس والعشرين من شهر صفر الأغر؛ وذلك لأداء مناسك العمرة، وكانت في صحبتي عائلتي الصغيرة -أسأل الله أن يثبتنا على الحق إلى أن تلقاه-. هذا، وقد رأيت بأم عيني في هذه الرحلة المباركة -بإذن الله- مواقف ومشاهد تتضمن دروسا وفوائد جمة، فعزمت -بتوفيق من الله تعالى- على تقييد هذه المشاهد والمواقف، مع الأخذ بعين الاعتبار أن أغلب ما أسجله وأقيده في هذه اليوميات إنما هو من مشاهداتي الخاصة، وليس فيها حدثني وأخبرني إلا في القليل النادر..»
مجموعة من القصائد والابتهالات الدينية، والتي بدأت كتابتها عندما بلغت التسعين من عمرها، وهي قصائد تمثل وتلخص حبها لله -سبحانه وتعالى. وأشواقها لنعيمه الخالد. كما أن الديوان يعبر كذلك عن تقبلها لتقلبات الحياة، وإدراك حقيقة أنها فانية وزائلة.
لم تكنْ قِصّة الحبّ التي جمعَت بينَ “علي” و”طفلة” قِصّة عاديّة؛ ذلك أنّها كانت شاهدةً على فترة تاريخيًة مهمّة، هي السنوات التي وُلدت فيها عُمان الحديثة، وعادت بعدَها لتتبوّأ المكانة التي تليق بتاريخها وثراثها الحضاريّ. تجري معظمُ الأحداث في ظفار، وفي عاصمتها صلالة بالتحديد. في تلك المدينةِ الجنوبية التي كانت معزولة عن العالم نشأَت “طفلة” وأحبّها علي. وحولَ قصة الحبّ هذه نسَجَ خالد الشنفري خيوطَ روايته، فأخذَنا معه أخذاً شيّقاً إلى عادات أهلِ صلالة، وإلى ملامح تُراثهم. وقدّم لنا معجماً هائلاً من المفردات المحليّة التي شملَت جوانبَ الحياة الشعبيّة هناك في ستينيّات وسبعينيّات القرن العشرين. وأرّخَ كذلك للأحداث السياسيّة التي شهدتها تلك السنوات، وللصراعات التي انتهت بمولد عُمان الحديثة. “طفلة” عمل فنيّ جميل، ورواية معرفيّة دسمة لا غنى للمثقّف العربيّ عنها.
و الشّعَر مجنون خصلات من ليل و سهر ريحْ و تْمرجح قصب درب لوز وْ درب تين ينسدل و الفل فتّـح ورا عروة صدر و الذهب تعرق طيوره قهر و تْغار عين صدْر مملي رْخام و شْفـايف تْولّع جمر خصْر يصرخ من تعب يطلب خْيوطهْ تِلين قافلةْ من عطْـر كلْمـا عبايتها تِمـر في طرفها نجوم وشموس واقمار تزين مرت وكل الدرايش تشاورها فخر مرت وكل السكيك امتلت بالعاشقين
عشت اللحظة نفسها، والمشاعر نفسها مرات عديدة وفي مراحل مختلفة، وفي كل مرحلة كان الأمر يزداد مرارة. المشكلة الكبيرة أنهم لابديل لهم، لكنهم يرحلون سريعا، يرحلون وانت لم تأخذ منهم كفايتك، من الحب، والعلم والمعرفة. يريدون للأجيال القادمة أن تعيش دون معرفة حقيقية، يريدونهم أن يعرفون، مايحددونه لهم فقط، سيموت الكبار، ولن يكون علم في الكتب إلا التوافه أو المقطوع، والمجزوز منها. نظرت إليه مدى باستنكار. أومأ برأسه إليها، وأضاف: نعم فأمهات الكتب ستكون قد رفعت، وجعلت في المتاحف؛ بحجة أنها من النسخ النادرة، ولا يوجد مثلها، كأنهم لا يقدرون على استنساخ ما جاء فيها، هكذا سيتحكمون بالعقول القادمة.
عزيزي أسمر، كم هو مؤلم غيابك، يكاد الشوق يحرق مهجتي، وقد ذبلت ابتسامي، وجفت مآقي، وذوى عودي فأصبحت ناحلة لا أشبهني من قريب أو بعيد. يسألني من حولي عن ما أعاني وأشكو، فلا أجيد البوح، وأختلق الحكايات.
في هذا الكتاب غصت حتى وصلت إلى قاع المجتمع وسبرت أغوار أطيافه المختلفة غنيهم وفقيرهم مريضهم وعليلهم عالمهم وجاهلهم، فتلمست الفرح داخل كل فرد من هؤلاء ورأيت من اكتمل فرحه ومن اكتمل حزنه ومن هو بين هذا وذاك وعلمت أن أسوأ هؤلاء حظا هو من لم يكتمل فرحه بعد.طفولة تبحث عن فرح لم يكتمل، ومريض يبحث عن أمل عند طبيبه ليبقيه قريبا من الفرح، ومعاق يأمل في تخطي صعوبات الحياة وتحدياتها ليرسم درب للأمل وللفرح، ووباء جاء الى الأرض لينسيها الفرح وينشر بدلا منه الحزن لكن عزيمة أهلها بدلت الحزن الى فرح وان لم يكتمل بعد، وأسماء شعرنا بحزن عليها غادرت دنيانا بعد أن كانت تنشر الفرح بيننا.
في يوم المرأة العمانية 17 أكتوبر، زينّا الصالة بالأعلام ونفخنا البالونات الحمراء والخضراء والبيضاء، وتقلدنا الأوشحة التي تحمل صور القائد، وجمعت المنتسبات مبلغا من المال لشراء كيكة فكتوريا سويت كبيرة، وبوفيه مرفّه مكون من ميجا بايت برجر وبعض السلطات والقبولي والهريس ومختلف الأطعمة الشعبية. جهزنا طلبية مدبرة من دارين تلك الشيف التي تصنع أشهى المأكولات والحلويات، وأظن بأن لها بزنس «دون سويت» الخاص بها، ويُدار من البيت. ذاك اليوم، ألغينا التمارين، أكلنا وشربنا ورقصنا، وأطلقنا النكات والطرائف؛ بعضهنّ ألقى شعرا مترهلا دون قافية من كلماتهن، وعبارات وطنية جياشة، غير منسقة؛ لكنّها تبث حماسا عاطفيا عجيبا. دخلت علينا سلمى، وهي المنتسبة للصالة منذ عدة أشهر، جلست في زاوية بعيدة ترفض الأكل، ثم انفجرت باكية وهي تقول: «طلّقني في يوم المرأة، ما احترمني ولا عبّر المناسبة».
لماذا يذكّرنا هذا الكتاب بمزيج عجيب من جماليات المكان لباشلار، ومتواليّة أصلان المنزلية، وحتى فضاءات المكان لجورج بيريك؟ لا تأخذنا أمل السعيدي إلى أماكن عدّة، بل إلى ذاتها الأكثر عمقًا وتموضعها في "المسكَن" بتفاصيله الساكنة والأقل ملاحظة، من "بورتريه لفرشان الأسنان" و"مقص الحبوب المنومة" إلى "سأقتل أبي" و"في الحقل، أنا غياب الحقل" بكتابة سردية جديدة وخاصة لا تجافي الشعر ولا تتلوّن بالقصّ كثيرًا.
"كيف لامرأة مثلي أن تعالج جروحها دون أن تخسر الصورة التي يراها من حولها زاهية مبهرة، وكيف لي أن أحافظ على نفسي من الضياع والانهيار والسقوط في وحل الهم ومستنقع الحزن واليأس الذي ينهش كل شيء في"; "فراغ من حولي فلا صوت ولا صورة. وحيدة أقف في دائرة ضبابية. لم أعد أشعر بالمكان والزمان، وعقلي يفكر ي لا شيء"; "أنا امرأة لم يكن ينقصني غير أن أسلم روحي وجسدي لمن يعرف كيف يقدرهما، لمن أشعر بين يديه بالسعادة والأمان والراحة والاطمئنان، لمن يحترم تفاصيلي وينتشلني من وحل أوجاعي وهمومي"