بقيت أنا هنا أخوض معاركي مع نفسي، وأحارب كل شيء، بحماقة دون كيخوت أصارع الطواحين العملاقة التي تدور في رأسي كل الوقت، أرشقها باللعنات وأصب عليها جام غضبي، وأنتظر كل يوم أن تطحنني أخيرا وأذهب إلى السماء دون رجعة، لكن هيهات، حتى هذه الأحلام الصغيرة تستحق الوأد قبل أن تولد، مثلي تماما .ومثل كل هؤلاء الصغار حولي.
الإيمان سبيل من سبل عيش الحياة، فلا يخلوا أي إنسان من إيمان بمختلف أشكاله، فالإيمان بالنفس، وأن لديك قدرات تأهلك للنجاح هذا بحد ذاته نجاح. في داخلنـا أشياء عظيمة، لكننا في حاجة لنؤمن بأنفسنا، ففي هذا الإيمان حياة، وفي هذه الحياة نجاة.
بالرغم من أن الساعة التي أقضيها مبحرا إليها دائمًا ما تبدو أطول من المعتاد، إلا أنني وبعد إعلان القبطان السماح بالنزول من العبارة، لا أستعجل ذلك أبدا، بل أفعله بكل روية وهدوء وتركيز، وأحب أن أفعله بطريقة تسمح لي لاحقا بتذكر أدق تفاصيلها، عدد الدرجات نزولا، الشقوق أعلى الباب المفضي إلى بطن العبّارة، اللوحات الإرشادية، ومع أول نسمة من هواء الجزيرة ترتحل روحي إلى عوالم أخرى. في اللحظة التي وطئت فيها قدماي أرض الجزيرة، نظرت باتجاه البحر وتذكرت قول الشاعر البحريني قاسم حداد: «لسنا جزيرة... إلا لمن ينظر إلينا من البحر».
ارتبطَ الإنسان العُماني بالبحر منذ فجر التّاريخ، فانعكسَ ذلك على مظاهر حياته اليوميّة، وظهرت تجلّيات هذا الانعكاس في الحركة الأدبيّة عمومًا، وبخاصة في المدوّنة الشّعرية؛ إذ تفاعلَ الشاعر العُماني مع بيئته، وتأثّر بها سواء أكان من أبناء البيئة الساحلية أم غيرها، وتبدّى هذا في شعره واقعيًّا ورمزيًّا بما يتناسب مع عصره، ووفقًا لأفكاره وتجاربه الشخصيّة. إنّ عالم البحر بمظهره ومخبره، وبأسراره وغموضه وإيحاءاته، مكَّن الشاعر العُماني من استحضاره واستلهامه واتّخاذه رمزًا والإحالة إليه، ويبدو هذا ماثلًا في عدد كبير من القصائد التي اعتمدت على البحر محورًا أساسيًّا أو فرعيًّا. ويتناول هذا الكتاب موضوعَ البحر من خلال دراسة الدواوين التي صدرت بين عامَي 1970 و2000؛ للتعرف على كيفيّة توظيف الشّعراء العُمانيين المعاصرين للبحر، ودلالة ذلك في تجاربهم الشعريّة على اختلافها وتنوّعها.
دقائق فقط، هي آخر ما تبقى في ساعتك الرملية!. ماكنت ستفعل بها يا صاح لو كنت في مكاني؟!!.. هناك أشياء كثيرة سترغب في فعلها، ولا تتسع لها دقائق ولا ساعات، وربما أيام.. لكن، من ذا الذي سيمنحك وقتاً لتفعل كل ما تشاء، للمرة الأخيرة في حياتك؟!. أكثرهم رأفة سيمنحك جرعة ماء، ودقيقتين للصلاة!
فرضت شخصية الأستاذ عبدالله الطائي نفسها منذ بدايات شبابه الأول حيث اهتم بقول الشعر والتغني به وكذلك بالكتابة النثرية التيواصل نشر مقالاتها في الصحف حول موضوعات مختلفة إضافة إلى برامجه الإذاعية التي كان يبثها من خلال أثير الإذاعة في البحرينوالكويت وأبوظبي ومسقط وقد تجلت هذه الإبداعات العديدة في كتبه المطبوعة فيما بعد وهذه المحاولات المتواصلة منذ أن كان طالبا فيبغداد حتى وصل إلى ما وصل إليه، هي التي أعطته الشهرة والمكانة العالية التي نالها وجعلته شاعرا وكاتبا متميزا له الأستاذية والريادة.
من أعماق الحسرة آتيك منكسراً.. فأنا اللابق من الجحيم غيابك إلى شقاء حضوري وأنت المنعقدة عليها أمنياتي حتى النزع الأخير.. وعدتك ذات مساء بنشر تماتمك وها أنا أفعل.. فشكراً الثعابين حبك التي لم تكن سوى كيد ساحر..!
في عبورنا السريع هذا، نحمل في حقائبنا الكثير من الأسرار والحكايات والكتب التي نفتحها في وحدتنا، على غفلة من العالم. نتوقف عندها، نتأملها، ونستعيد اللحظة بتفاصيلها العميقة. ليس ثمة وجهة واضحة في الطريق، ولكنا نتوقف لنرتب حقائب الذكريات. أي لنكتبها من أجل الإمساك بها، قبل أن تفلت من مخيلتنا، وتستدرجنا محطات أخرى، أكثر دهشة وغواية وصخباً. وها أنا، في استراحة محارب قديم، أقلب دفاتر الأيام وأطل على أرصفة ومرافئ ومحطات تركت روائحها وضجيجها في القلب، وليس أمامي سوى أن أجمع ذلك كله بين دفتي كتاب. في هذا الكتاب أرافقك أيها القارئ الكريم إلى محطات بعيدة عبرتها ذات يوم، وأفتح معك كتباً ودواوين قرأتها في رحلة ما، وأتوقف معك على تخوم قصية اكتشفتها دون سواي، وقد حان الوقت أن تشاركني لذة هذه الاكتشافات الهائلة بين هواجس الذات وتجليات الكتابة، التي تبدو في معظمها "مثل المشي في ظلام دامس"، على حد تعبير الشاعرة الأمريكية فكتوريا تشانغ.
يأتي هذا الكتاب ثمرةَ الصّلة الوثيقة للمؤلّف بالشّعر العُماني، فقد قرأ للعديد من الشّعراء، وحضرَ جلسات شعريّة في ربوع السّلطنة، وشارك في عدد من النّدوات والملتقيات التي خُصّصت لدراسة الأدب العُمانيّ بعامّة. كما أعدّ دراسات في المجال نفسه، واطّلع على مجموعة من الدّراسات التي قُدِّمت عن هذا الشّعر في عصوره المختلفة. ويشتمل الكتاب على مجموعة من الدراسات والقراءات والتأملات، هي: الإيقاع في ديوان "وصايا قيد الأرض" لسعيد الصّقلاوي، والحسّ الوجداني في شعر الشّيخ سالم الحارثيّ، وخصائص شعر أحمد بن منصور البوسعيدي، والجانب الأدبيّ في منظومات سعيد الرّاشدي، وتأمّلات في ديوان "ما تبقّى من صحف الوجد" لسعيد الصقلاوي، وملاحظات حول كتاب "اللّوّاح الخروصي سالم بن غسّان.. حياته وشعره" لراشد بن حمد الحسيني، وقراءة في كتاب "أثر الفكر الإباضيّ في الشّعر العمانيّ" لمحمود بن مبارك السّليمي، وتقديم لديوان "فيض من حنايا ضميري" لهلال البريدي. ويسعى المؤلف في هذا الكتاب إلى تسجيل بعض أوجُه الحضور العُمانيّ في السّاحة الشّعريّة، الذي أدّى عبر مدوّنته الغنيّة تاريخيًّا أدوارًا مهمّة رساليًّا، وتسليط المزيد من الضّوء على الشّعر العُمانيّ الأصيل المتميّز في السّاحة الأدبيّة، والكشف عن المخفيّ من الأدب العُماني الذي يكاد يُطمَس بفعل التّطوّر والحداثة.
تبحث هذه الدراسة في سيمياء المكان وشعريتة الأدبية، بصرف النظر عن الشكل الشعري، رغم أنه من غير الممكن الانفكاك والانسلاخ تماما من تجليات الشكل ودلالاته، وأثره على المتلقي في المقاربة ما بين النصين الشعريين العمودي والنثري. واختار الباحث تطبيقا لدراسته تجربتي الشاعرين العمانيين عبدالله بن علي الخليلي وسماء عيسى، وجاء هذا الاختيار لأسباب من أبرزها شهرة هذين الشاعرين في الساحة الأدبية العمانية/ العربية، وقلة الدراسات النقدية حولهما رغم عطائهما الشعري، لا سيما الدراسات المتصلة بدلالات المكان الشعري.ويسعى الباحث إلى تحقيق هدفين أساسيين من دراسته: بيان دلالات المكان وجمالياته المتعددة، والموازنة والمقاربة ما بين القصيدة العمودية وقصيدة النثر في تناول المكان والفضاء السيميائي. ويحاول في سبيل ذلك الإجابة عن أسئلة على غرار: أين تتمظهر الأمكنة في النصين الشعريين العمودي والنثري؟ وما دلالات الفضاء المكاني وعمقها الرمزي والتأويلي فيهما؟ وكيف تبدو شعرية المكان في النص الشعري النثري موازنة بالنص الشعري العمودي؟ وكيف تتحرك الكلمات على الصفحة الشعرية بوصفها أمكنة طباعية وبصرية دالة في النص؟ وما أوجه التشابه والاختلاف ما بين النصين الشعريين أو ما بين الشاعرين الخليلي وسماء عيسى؟
نقتسم السلام إذا كان وفيراً.. نقتسم الحب دون بدّ.. نسوي الأمر مع الحياة لتعطينا قلماً ذهبياً مشعاً من روحها، ونبقى نكتب، ونكتب ونملأ صفحات الأمد بأجمل القصائد والأشعار الربيعية.
لا ريب في أن المتتبع لمسيرة الشاعرة العمانية عائشة السيفية يظفر بكم هائل من الجماليات النصية، التي ما فتئ يحققها النظم لديها، ولئن كانت الشاعرة ترصد بداياتها الأولى، فإن دواوينها الشعرية الأخيرة أصبح لها حضور مضمخ بالجمال في الساحة الشعرية العمانية، وكذلك الساحة العربية، فقد استوت تجربتها الشعرية في العشرية الأخيرة، وهو دليل واضح على تمكنها الشعري.