قلة هم الذين شغلتهم أنفسهم بإرم، إرم المدينة، إرم الجنة، إرم الزهو والتعالي، لكن إرم التي فقدت في عنفوان مجدها، بقيت لغزا وسراً عصياً. في هذا العمل تتجسد إرم في الأحلام، الأنثى التي تخرج من بين رائحة القهوة وأمطار الشتاء، تخلق في جموح أحلامها عبد الله البشري الوحيد الموعود بجنة إرم تمنح إرم لعبد الله احلامها، جنونها، استثنائيتها، بهاء عالمها، الجنة التي تكونها... وبين إرم المدينة وإرم الأنثى يتضح أن لكل منا القدرة على خلق إرمه (جنته)، كما أن لديه القدرة على تضيعها!... ليبقى سر إرم ليس في عظمتها أو جموح الخيال الذي صنعها بل في تأرجحها الدائم بين لذة اللقاء وحسرة الفقد، بين إحتفالية الوجود وفجيعة العدم فاطمة حمدان الحجري. زوينة سالم
إن في الهند كثيرا من الأمكنة التي يكسوها جمال رائع من طبيعة خلابة إلى شريط ساحلي طويل، حيث كنت أجول بين القرى والمدن،وعندما شرعت في إعداد هذا الإصدار احترت : من أين أبدأ؟ وبماذا أحدثكم؟ عن العادات والتقاليد، أو عن سيارات الركشو، أو عن تلكالقرود التي انتزعت من أيادينا حبات الموز، أو عن تلك الأنهار التي تنساب بين خمائل الأشجار؟ وذلك من خلال وجودي في هذه البلاد بعدمابت في بعض الأقاليم محاطا بعطف القرويين ممن أعرفهم أينما حللت. في الهند كانت أيامي جميلة بعدما توفرت لها كل السبل، حيث كنت في راحة وبهجة تامة في هذه الدار، ولم يكف من نزلت عندهم من توفيراسباب راحتي وهنائي فضلا عن إطلاعي على معالمهم ومناطقهم اللي زرتها التي يستحق ذكرها، حيث انني ممن يحبون الهدوء والسكينة،لذلك أعشق الطبيعة بجنون مبتعدا قليلا عن ازدحام المدن والتي لا تروق لي كثيرا حيث أسأم من الإقامة بها لفترة طويلة.
يكتب المطروشي قصائده بضبابية موحية، والضبابية في الشعر تقدم منطق الاحتمالات الخصب على منطق اليقين المحدد. وحتى أولئك الذين قدموا الحكمة في البيت أو القصيدة، كالمتنبي أو أدونيس اليوم، فإنهم خففوا من يقين الحكمة القاطعة بدوران اللغة وحيلها الكثيرة وبث الالتباس في اليقين، من خلال وجوه اللغة واحتمالاتها التي جاءت بين أيديهم حمالة أوجه أكثر مما هي أداة إثبات لمنطق شعري صارم. محمد علي شمس الدين
يوقن بأن الحياة لم تكن سهلة معه، حقنته بجرثومة الشر أكثر من رحيق الخير، وهذا طبيعي فالشر جائحة أصابت معظم سكان الأرض. هو ام ينج منها. أما الناجون فسيعانون أكثر. انتابته ضحكة شريرة، فنجح في إخفائها بشكل مؤقت. ها هو الآن على كرسي متحرك تقوده امرأة لا يعرفها، لا يعرف إن كانت تخاف عليه بسبب طبيعة عملها، أو تكرهه بسبب ضغوطات العمل أو ضغوطات أخرى في حياتها.
هي تريد أن تكون فقط ما هي عليه، وهم يريدونها أكثر من ذلك، أو أقل منه بكثير، أحيانا كانت تدعي أنها أقسى من كل الملكات اللاتي خلدهن التاريخ، وأحيانًا أخرى كانت توهمهم بأنها مجرد جارية نسيها التاريخ وراءه. ولكنها وبعيدا عن كل الروايات المختلقة، كانت تخفي حقيقتها كما تخفى الحقائق التاريخية العظيمة، فهي لم تكن سوى امرأة عادية جدا، كشجرة الدار القديمة التي لم تعد تثمر، لكن ظلها الممدود ملاذ الأطفال والكبار والعصافير، والشجيرات المتسلقة وقطرات الندى، والفراشات والحشرات والديدان الصغيرة.
عندما حملت السلاح، صار الصمت والتخفي طريقة حياة، وعندما أصبحتُ موظفاً ثم مسؤولاً حكومياً أصبح الكتمان طريقاً لبلوغ الغايات،وبات إصدار الأوامر والتعليمات شفاهيا فلسفة في الإدارة تعلمتها من معالي الدكتور؛ أبينا الذي في كابينة القيادة، عرّاب الصفقات الكبرى العابرة للمحيطات، وأنا مدين لهذا الأب العظيم بالكثير. لكنني اليوم، وقد عبرت محطات كثيرة في دروب الحياة، أجدني أتخلى عن خوفي من الكلمات المكتوبة، لأنفض الغبار عن ذكريات وأحداث لم أرغب يوماً في استعادتها وإعادتها إلى الحياة.
بحذرٍ شديد، وفي ليلة معتمة لا قمر فيها، تسلّلوا من خلف البيت، نزلوا من المدرّجات المزروعة بأشجار الرمّان والورد باتجاه الوادي، حيث أشجار الجوز والتين المتشابكة، ثم صعدوا إلى جهة أخرى، سائرين خلف الرجل نحو طريق جبليّ آخر. وبعد أن قطعوا مسافة قصيرة، اعترض طريقَهم أحدُ العساكر، أشهر بندقيته نحوهم، تسارعت دقّات قلوب الصغار، ضمّت جوخة طفلَها الصغير النائم على حضنها، وأرخت عليه اللحاف، تنازعتها الهواجسُ بأنهم قد يتعرّضون لخيانة أو أن يكون الرجل باعَهُم للجيش، وربما يُقْتَلون جميعاً ولن يعرف أحد عنهم شيئاً، ففي هذه الأيام العصيبة اختلطت الأمور، وما عادوا يعرفون الصديق من العدوّ، الصادق من الكاذب، الثائر من الخائن، وقد يبيع الإنسان أخاه بكسرةِ خبز، لكن جوخة تعلّقت بقشّة واهية في ذلك الليل المتلاطمة أمواجُه في قلبها.
لقد أفرطت في التشكل حتى نسيت شكلي، وفرطت في المضمون حتى غدوت نفسي مضمونا. وهذه الشحنات على باب الكوخ هي التي تكسبني الشكل. إذ لا يوجد ما يجعلني أضطرب في هذا الملكوت سوى أن أحدا لا يستطيع الوصول إلي. لا يكتمل الشيء في ذاته حتى تكون له إرادة، ولا تكون له إرادة حتى يكون قابلا للوصف. أن يكون متاحا للأشياء الأخرى التي هي الأخرى تتوق إلى الظهور من خلاله. ومع إني لا أحب الأبواب، إلا أن بابا يطرق خير من جدران لا يراها أحد. هكذا فقط تتساقط عن وجودي الأرقام، ويكون لي عنوان على البلازما سيبحث عنه من يريد الوصول إلي. ولهذا تركت آثاري على الأرض؛ العنوان الذي تركته في الفطر "
أنا أنت يا سين، لا يمكنك التخلص مني. إنني أناك وأناك الدفينة. لن تتخلص مني بكل سهولة، فأنت تنفثني في دخانك، وترشفني في نبيذك، وأبقى في وريدك طويلا. أنا صلاتك، تهجدك، ترنيمة خلودك، مناسك حبك، شعائر عبوديتك، نشوتك، أغنيتك، لحنك، حنينك، جنونك، ضياعك نهارا، صخبك ليلا، موتك دوما، ضميرك، تعبك وراحتك. هل تعتقد أنك تستطيع التخلص مني وأنت بدوني عدم؟ يجب أن نترك بعضا من فتات الخبز لكي نكمل هذه الدورة، فقد كان هذا أخزى عود أبدي.
عن طريق المعالج الروحاني سعيد هاشم والحالات التي يعالجها. يجد القارئ- مهما كان مستواه الاجتماعي والثقافي- علاجا روحيا لما يعاني من أمراض وانجرافات، قد يخجل البوح بها. فمستوى الحوار بين المريض والمعالج يتنوع بتنوع الشخص المريض وطبيعة الأزمة النفسية التي يعاني منها. فطريقة العلاج متميزةومفاجأة وتجعله يصدم بمقدرة المعالج الروحاني فيكسب ثقته ويستسلم له. إنها ممارسة العلاج الروحي بالاعتماد على التخيل والاستعارة. وخلق ولقع جديد وشخصنة المعنوي والجماد. بأسلوب مشوق وطريقة جذابة. يفوق مايقدمه شيخ واعظ أو متخصص بالتنمية البشرية. مما يوحي بخبرة لا مثيل لها بهذا النوع من العلاج.
يعيش بطل رواية المُموِّه لـ محمود الرحبي مع أمه وهو يصارع للبحث عن وظيفة لن يجدها إلا في أجواء الليل، حين يلتقي بعثمان الذي يطلب منه أن يطلق لحيته كي يعمل لديه مموهاً في عمله المريب. تتطور الأحداث وهي تتنقل بين حانات مسقط، والمناطق العمانية المتاخمة، عبر فصول شيقة تختزل الزمن في مسافة واحدة. يداعب محمود الرحبي هنا، الزمن بهدوء يصل إلى حدود شفرات الصمت والترقب، وهو يصور لنا حياة الليل عبر وجوه نهارية، وزوايا الدهاليز المعتمة الممزوجة بالجعة وموسيقى السهر، والأم التي تفيض حناناً حتى على الشياه، وهي تغطي الحدث المتنامي برداء من البراءة والتقوى.