تهتزُّ موائدُ السَّحّرة الجوعى في انتظار الذين لا يُذكرون في مجاز، أولئك الذين قرأوا الممنوع من كتب السحر والنجوم وقصص الأعاجيب ومصارعة الثيران وأسرار العين المطمورة ووصايا الموتى! وعندما تأكلُ الرّمَّة دماغَ حفيدة "بثنة الثائبة"، تصبح تلك علامةً كافيةً لقراءة كتابٍ بلغةٍ بائدة، ودخولٍ مُجازفٍ لقرية مجاز المُغلقة من كلِّ اتِّجاه
ربما في كل رواية شيء من حكاية كاتبها. هذه الرواية مونولوج درامي, تقدمه على مسرح الحياة الشائك, امرأة تمزج ما بين السماء والأرض وتعالجه بالشمس. يمكن ان يكون حكاية كثيرين واذا كان كذلك فقد فعلت عجباً!. انها مزيج رائع يجمع أفعال القدر وفعل الواقع بسرد جميل نثراً وشعراً, يقدم نصاً في مكان متنقل وزمان ليس أي زمان. ما أصعب أن تكتب حكاية! وتكون مقتنعاً!, وتكون جديراً بالقراءة! في اللغة سحر!
قد نكتب عن الأحلام وفي داخلنا مرارة الحرمان، وقد نكتب عن التفاؤل وأرواحنا مزقتها الحروب والصراعات من أشخاص لا نكن لهم إلا كل تقدير، وقد نبعث للآخرين رسائل السعادة، وقلوبنا تعتصر حزنا وكعدا، فليس كل ما تبوع به القلوب يمثلنا، ولكننا قد نرى ذلك في عيون من حولنا، فننسج منها خيوطا من جرير الكلام، وحسن الحديث، وحلاوة الروح؛ لنكون مصدرا ملهما لمن يلتقي بنا، ولمن يريد التشبث بأحلامه، بعيدا عن منغصات القهر وباعثات الكدر. دورفان الفتاة الأسكتلندية، التي نشأت وترعرعت بين كنف والديها لم تكن تعلم، وهي الفتاة الأكثر شهرة بين فتيات المقاطعة في الجمال والكاريزما والفطنة أنها ستعيش تلك الصراعات بين العقل والقلب. فاختارت العقل، وعاشت متمسكة بمبادئها وقيمها. عاشت لتكون هي كما أرادت، رغم ظروف الحياة، وعوائق الدهر، والغربة التي تعتصر قلبها.
"لا ضير من الشهادة في سبيل الحق، فالشهداء يولدون بعد الموت. نحن أحياء رغم أنف الطغاة، نكبر بين المظلومين، ونشرق في أمانيهم وأوجاعهم، وسنظلّ نفترش العمر، وسنحمل في أرواحنا قناطر مقنطرة من الأمل، حتى تتحقق أحلامنا المعلقة في سماء الوطن". رواية تاريخية اجتماعية تروي تاريخ عمان الحديث، تعود أحداثها إلى النصف الثاني من القرن التاسع عشر، حيث يمتزج الحلم مع الكفاح والدم. تبدأ الرواية بحادثة قتل تاريخية، ثم يتنامى الحدث الروائي من هذه الذروة الواقعية والدرامية، بأسلوب أدبي وبلغة سردية تجعل من الرواية إضافة نوعية للسرد العربي المعاصر. ثم تسير الأحداث في مسارين متوازيين؛ سياسي واجتماعي، حيث يحكي المسار السياسي فترة الصراع على عرش مسكد، والحروب التي دارت بين السلاطين والأئمة، ومرحلة التقسيم البريطاني بين زنجبار وعمان. بينما يأخذنا المسار الاجتماعي إلى الحارات العمانية القديمة، وحياة الناس في تلك الفترة، وكفاحهم من أجل لقمة العيش. وإذ تقدم دار الفرقد باعتزاز هذه الرواية العربية الجريئة والباذخة، على أمل أن يجد القراء في هذا العمل السردي إضاءة جديدة على الأدب الروائي في سلطنة عمان.
حين صعد جون بول إلى السفينة في بدايات القرن التاسع عشر، ولم يكن قد تجاوز التاسعة من العمر، ليبحر من شواطئ الولايات المتحدة إلى اليمن، أوصى والدته أن تبقي باب غرفته مفتوحاً كيلا يوقظها حين عودته إن عاد ليلاً. لكنّ مصيراً آخر كان بانتظاره على شواطئ الجزيرة العربية، حيث سيعيش بقية حياته في مدينة مرباط، وقد غدا اسمه عبد الله، وراحت صورة أمه تخبو في ذاكرته، بينما هو يعايش حياة بلاد أصبح جزءاً منها وشاهداً على تاريخها. عبد الله، الذي ورث موقع والده بالتبني في التجارة والسياسة والحرب، سيعلم، وقد بلغ الثلاثين من عمره، أنّ باب غرفته في الولايات المتحدة لا يزال مفتوحا فهل يعود إلى أم لا تزال بانتظاره؟ بأسلوب روايات المغامرات الشيق يروي محمد الفارس حكايةً يمتزج فيها التاريخ والحرب والسياسة بحيوات أناسٍ فيها من الغنى ما يكفي لمحو مسافات جغرافية شاسعة.
أن تحمل كلماتك في طيات ثياب، وتعبر عما يجول في خاطرك دون أن تنطق بكلمة واحدة، هذه واحدة من الامتيازات الكثيرة لليسو أو الكانجا( Kanga ). فهو ليس مجرد قماش زاهي الألوان ترتديه النساء وتتانق به، بل رسالة مطوية على أجسادهن، ومستند مهم في خزائنهن المبكرة. الليسو فتح للنساء نوافذ حوار مع الآخر، ومنحهن حق التعبير عن انفسهن دون أن ينبسن ببنت شفة. من خلاله استطمن تبادل الرسائل الحساسة. والرد على النقد الجارح وتوريث القيم والحكم التي يعتز بها المجتمع. رسائل الليسو جاءت فكرته في فترة الحجر المنزلي إبان اجتياح وباء (كوفيد 19) للعالم .2020 فقضيت وقتاً أطول مع أمي لاسيما بعد وفاة أبي في ذات العام عبر حواراتنا تشكلت النواة الأولى لهذا الإصدار، فبدأنا العمل فيه بحماس منذئج، وها هو يخرج للنور مضمخاً بعطر أمي.
ألم أقل لك أن الصدفة ستساعدنا؟ فتحت الباب وشرعت أصرخ بأعلى صوتي، هرع أخي خلفي ثم تقدمني وهو يمطرني بالصور ويهتف: - صرخة مونش. صرخة مونش. استمر في الصراخ. لا تتوقف. كان البيت فارغًا، وشعرت وأنا أصرخ وكأن وجهي استطال واختفت وجنتاي وضاقت عيناي وانكمش ذقني واستحال نقطة باهتة، فقد اكتسحت الصرخة جميع ملامح وجهي وطوتها في تفاصيل فمي المفتوح كهاوية. وكان أخي يرسل أضواء كاميرته وهو يهتف منتشيًا : - اصرخ..
فقد إحساسه بالأشياء من حوله، تحول فجأة إلى إعصار هادر من الغضب، رفع مطرقته وهوى بها على الصخرة، وعاود ذلك مراراً وتكراراً حتى ارتج المكان، وبدأ الغبار يتصاعد من الحجارة المتساقطة. تتالت الضربات، وتحول جسده كله إلى يدين لا هم لها إلا ضرب ذلك الجبل الجاثم أمامه كأنه يضرب كل ما عاشه مُذ كان طفلًا، يهوي بالمطرقة على سجنه، على غيابه، على اليأس من مغادرته تلك العتمة، على شوقه الجارف إلى زوجته، على الهدير الذي يصم أذنيه ويمنعه من سماع أي شيء سواه، على العزلة التي تمتد وتمتد، وعلى الفكرة التي لا يرغب في مواجهتها… لم يكن يعلم أن جسد الصخرة يتداعى أمامه، كان غائباً في غضبه، متحداً مع مطرقته في هدم كل الجدران التي واجهته، وهو الوحيد، الغائب، السجين، الموجوع، الجائع، العطش… تداعت الصخرة أمامه، وانفتح الخاتم على النفق الطويل، فانطلق الماء بقوة وجرف معه كل شيء.
وما هي إلا دقائق حتى اخترق آذان الجميع ألذ صوت تمنوه، فهللوا وكبروا وحمدوا، فقد بدأ القارب في الإنسياب على صفحة بساط داكن من مياه البحر الهادئة، وقد تبسم الجميع ثم ضحكوا بملء ثغورهم، فقد رأوا الصغيرة "مريم" وهي تلّوح بيدها نحو الشاطئ مودّعة لا أحد، فما كان منهم إلا المشاركة في التلويح، وفجأة جاشت مشاعرهم وبدوا في غاية التأثر وهم يودّعون زنجبار الوداع الأخير.
هذا الكتاب يكشف بأسلوب هادئ دقيق عما تفرّق من آراء جمعها المؤلف برفق، واستنطق مضامينها، وحلل أصولها، وأبان دقائقها؛ ليقدمها إلى الباحثين والقرّاء… ليطلعوا عليها أولاً، ثم يسألوا عمّا أفادوا منها، وكيف تداولها السابقون في ضوء تطور الفكر الأصولي، ومدى ما يبقى منها في حياتنا العقدية والعامة… لست هنا بصدد تقويم الكتاب ولكنها نظرة من قرأه، وعرف مؤلفه بحرصه وجديته… نفع الله بهما بما يمكث في الأرض”. أ. د. سعيد الزبيدي