أحكام التدليس الغذائي: في الفقـه الإسـلامي وصـوره المعاصـرة
يعد التدليس الغذائي من أهم المخاطر التي تواجه البشرية في هذا العصر؛ مما دفع الكثير من المنظمات والمؤسسات إلى سنِّ الكثير من التشريعات والنظم؛ للرقابة على الغذاء، ومحاربة التدليس الغذائي، إلا أن الشريعة الإسلامية أرست القواعد والأحكام في الرقابة على الغذاء منذ العهد الأول للإسلام، حيث كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- يتفقد الأسواق، ويشرف على الأغذية بنفسه. وقد تعددت صور التدليس الغذائي في هذا العصر؛ نظرًا لما شهده مجال صناعة الأغذية من تطور كبير تزامنًا مع التطور التقني السريع في مجال الصناعة بشكل عام، فظهرت صور من التدليس الغذائي لا تحمد عقباها على البشرية جمعاء مثل: إضافة مواد مسرطنة للأغذية؛ من أجل تحسين مظهرها وترويجها تجاريًا، وخلط الأغذية بمواد غير صالحة للاستخدام البشري أو محرمة شرعًا كمشتقات الخنزير والميتة، والتلاعب الجيني في الأغذية من خلال الهندسة الوراثية، مما أدى إلى الكثير من الأضرار الجسدية والمالية، والمخاطر المتوقعة في المستقبل. ونجد أن الشريعة الإسلامية لم تقتصر على محاربة التدليس قبل وقوعه، بل عالجت ما يترتب على التدليس من أضرار بعد وقوعه، من خلال دفع هذا الضرر، وإزالته، وتعويضه ماديًا؛ حفظًا للحقوق وصونًا لها، كما شرعت من العقوبات ما يكفل محاربة التدليس الغذائي، وتخليص المجتمع منه.