الحركة العلمية في زنجبار وساحل شرقي افريقيا
ارتبطت عُمان بمنطقة شرق أفريقيا فترة تزيد عن الألف عام، حكم خلالها العُمانيون هذا الإقليم فترة زمنية طويلة، وتعد فترة الحكم العُماني لزنجبار ومدن الساحل الشرقي الأفريقي من أهم الفترات التي شهدت فيها هذه المنطقة نهضة وتطور في مختلف المجالات. ويعد الجانب العلمي في مقدمة المجالات التي حرص الحكام العُمانيون على الاهتمام بها وإحاطتها بعنايتهم وتسخير الموارد كافة من أجل الارتقاء بها والعمل على تطويرها، ومنذ إعلان السيد سعيد بن سلطان زنجبار بمثابة عاصمة ثانية للإمبراطورية العُمانية في عام 1832م شهدت الحركة العلمية في زنجبار وماجاورها من مناطق ومن مدن تطوراً ملحوظاً، نتيجة اهتمام السيد سعيد بهذا الجانب، ووجد الكثير من العلماء العُمانيين والعرب الذين هاجروا إلى زنجبار وساهموا في تطوير هذا الجانب وفق إمكاناتهم المتاحة، وتخصصاتهم المختلفة.
وبعد وفاة السيد سعيد بن سلطان عام 1856م، سار حكام زنجبار على نهجه في الاهتمام بالعلم بجوانبه المختلفة، وعملوا على إيجاد بيئة حاضنة للعلم والعلماء، وإزالة كل ماقد يعيق تطور هذا المجال، لذلك شهدت زنجبار والشرق الأفريقي نهضة علمية كبيرة لم يقتصر تأثيرها من الناحية الجغرافية على حدود الإقليم ومناطقه المتعددة، بل تجاوز ذلك ليصل إلى مناطق عدة في الشرق وفي الغرب.
ويعد كتاب «الحركة العلمية في زنجبار وساحل شرق أفريقيا خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر الميلادي» إضافة مميزة للمكتبة العُمانية ومهمة في هذا الجانب، وقد استطاع من خلاله الزميل والأخ العزيز الدكتور سليمان الكيومي أن يكشف الكثير من الأمور المتعلقة بالحركة العلمية في هذا الإقليم، ويوضح العديد من الحقائق والتفاصيل التي يستطيع القارئ من خلالها أن يكون فكرة متكاملة وشاملة عن هذا الموضوع.
إن هذا الكتاب جاء ليسد فجوة كبيرة في الجوانب المتعلقة بدراسة الأوضاع الثقافية والحركة العلمية في زنجبار وساحل شرق أفريقيا، وهو من الدراسات العُمانية القلائل التي تطرقت إلى هذا الموضوع بكل هذه التفاصيل وبهذه الشمولية، ونحن على ثقة بأنه سيقدم الكثير لكل الباحثين في شأن زنجبار وشرق أفريقيا، والمهمتين بدراسة الوجود العُماني في هذا الإقليم.