الذاكرة ممتلئة تقريبا
قهقه بعضهم، ووجم آخرون، ولكن لم يفهم أحد شيئا، إلا انه هرول إلى البيت، وخرج مسرعا، وهو يحمل بندقية صيد قديمة ويتقدم بخطى ثابتة نحو القط المكبل، وعصب عينيه بقطعة القماش السوداء، والناس تهلل، وتكبر، وتضحك، وتصمت، وتستعطف، وتهتف، وتلطم وجهها، وتشعر بالجنون. وبنفس الخطى الثابتة ابتعد عن القط، وهو يعد الخطوات، كما كان يفعل عند احتساب ضربة جزاء. توقف عند الخطوة العاشرة واستدار باستعراضية ماهرة تعلمها من التربية العسكرية، ورفع رأسه إلى السماء، وصمت الجميع، كما يبدو احتراما لتلك اللحظة الشخصية التي أخذها لنفسه وللقط. صوب باتجاهه، وأخذ يضغط على الزناد، فانبثق سیل من الرصاص أخرس القط إلى الأبد. لم يستطع أحد بعد تلك الرصاصات، إذ تباكت الأصوات، وتحشرجب الحناجر، والناس هل، وتكبر، وتضحك، وتصمت، وتستعطف، وتهتف، وتلطم وجهها، وتشعر بالحزن. اتجه وصب على رأسه، وهو يُطلق رصاصة الرحمة الاخيرة. نحو القط ببطء، خلع قبعته في حركة عسكرية مألوفة، ومن ثم قال للجمع قبل أن يدخل البيت: "ادفنوه". قصة "الكابتن حمدان"