بين الصحراء والماء
لم يعد النموذج الروائي الأوربي هو الوحيد في المشهد الروائي العالمي إذ اقتحمه باقتدار زخم من الروائيين المنتمين إلى أمريكا اللاتينية ومنهم على سبيل الاستدلال غابرييل غارسيا ماركيز ولا سيما في روايته الشهيرة "مائة عام من العزلة" إذ انبثقت رؤية مؤكدة هي أن المرقاة إلى العالمية لا يمكن أن تتحقق عبر تقليد النموذج الروائي الأوربي وإنما عبر سلم المحلي وتفاصيله بل المغرق في محليته، وهو على وجه الدقة ما يشكل نبرات الصوت الخاص والبصمات التي لا تشبهها أية بصمة أخرى، وهذا ما أكده تماماً الروائي العربي العالمي نجيب محفوظ حين عبر من خلال زقاق المدق وخان الخليلي. وها هو الروائي العماني محمد عيد العريمي ينطلق من هذه الرؤية ذاتها كي يشتشرف أفقاً جديداً بسعة الصحراء والماء قطبي هذه الرواية المهمة مجذراً لهذا الانتقال من البداوة إلى المدينة وبأسلوب الفنان الذي يجيد اختيار الزاوية التي ينفذ منها إلى مثل هذا الموضوع المركب مع استيعاب لا يخفى لطبيعة الفن السردي التي تنفر من المباشرة والقيود القسرية ولغة التنظير وتلوذ بدلاً عن ذلك بالتقنيات والأدوات الفنية السردية من شخصيات وحوار وحدث وفضاء زمكاني وجمل سردية ناصعة.