يتناول هذا الكتاب الأهداف التي ارتكزت عليها الفلسفة التربوية لثورة ظفار، ويبحث في العمل الجدي المنظم الذي قام به ثوار ظفار بهدف تكوين المعتقدات التربوية. فبعد المؤتمر الثاني لـ"جبهة تحرير ظفار"، الذي عقد في حمرين عام 1968، لم تعد الثورة مجرد تمرد أو حركة تهدف إلى تحرير الأرض وتغيير الحكم، بل أصبحت حركة ذات فلسفة تربوية تستهدف المجتمع برمته. وإذا كان مؤتمر حمرين قد حدد أيديولوجية الثورة في أيلول/ سبتمبر 1968، فإن برنامجي العمل الوطني في كانون الأول/ ديسمبر 1971 وتموز/ يوليو 1974 رسما المعالم الفلسفية والعملية للثوار الشعبيين. يمثل هذا الكتاب مرجعاً علمياً مهماً لدراسة أحد مفاصل التاريخ العربي المعاصر، باستخدامه منهجية البحث المتكاملة، التي تمزج بين الاستبصار الفكري وأساليب العمل الميداني. وقد قامت مؤلفة الكتاب بجهد ميداني وفكري فريد لبحث موضوعٍ يتعلق بحدث تاريخي كان له شأنه ومغزاه في وقته، وهو ما يطلق عليه اسم "ثورة ظفار"، مستنده في عملها إلى وثائق نادرة، ومقابلات مع عدد من الشخصيات التاريخية من قيادة الثورة، في مواقع وجودهم المتباعدة جغرافياً على المستوى العربي، ومقدمة في النهاية هذه الدراسة الفريدة التي يتضمنها هذا الكتاب.
هل يمكن أن يمد المستعمر يد الخير للبلدان التي سيطر عليها بطريقة أو بأخرى؟ وهل أسهم في تطويرها اقتصادياً أو إدارياً أو علمياً؟ أم أنّ الهدف الأساس لاحتلال بلدان آسيا وإفريقيا كان تحقيق المكاسب ونهب الثروات، بعبارة أخرى إنه يمد يد السلب والنهب وليس يد الخير. يؤكد الكتاب عبر الأدلة والوثائق أنَّ بريطانيا بدهائها السياسي المعروف، استغلت حمايتها لسلطنة زنجبار، وحققت مصالحها بالتدريج حتى أحكمت قبضتها على كل مناحي الحياة، فصارت قادرة حتى على تعيين السلطان وعلى إزاحته، وفرضت وصايتها الكاملة على أموال السلطنة، واستخدمت الذرائع الإنسانية لإحكام السيطرة على زنجبار سياسيا واقتصاديا. فصار الموظفون الأوربيون يشرفون على كل الإدارات وعلى الجيش والجمارك والشرطة والمحاكم والبريد، فضاعت سيادة زنجبار واستقلالها. أهمية الكتاب تكمن في كونه يفتح العيون والعقول على مرحلة هامة من تاريخ سلطنة زنجبار.
أيّها الوطنيون: انتبهوا لما سأقوله، ربما لا نفهم اليوم قيمة هذه اللحظات القصيرة في التاريخ، لكن سيأتي ذلك اليوم الذي ستكتشف فيه الأجيال القادمة المهمة الخطيرة التي نقوم بها. خلال كل هذا، ردد دائما هذا الدعاء: «اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه». في مواجهة جهودكم والمسار الحالي للعالم، لن يتمكن أحد من منع قيام الاتحاد الإسلامي، هذه ضرورة لا مفر منها. سيتم بالتأكيد تأسيس الاتحاد الإسلامي، سواء كان الغرب أو الشرق، ومهما كان النظام، فإنه حي، بغض النظر عما يفعلونه، أو الألعاب التي يلعبونها، فهم إلى زوال، وليعلم الجميع أن الله متم نوره. بعد أن عبرت عن كل هذه القضايا المهمة أمام التاريخ وفي حضور أمتنا الرفيع، أود أن أقول ما يلي: لم أخض هذا النضال لأجل النجاح، أو المنصب، أو الشهرة، أو الفوز بالانتخابات؛ كل ما فعلت فعلته في سبيل الله.
تعود جذور الاهتمام البريطاني بعمان إلى أواخر القرن الثامن عشر الميلادي، ثم تجذر هذا الاهتمام بعد الاتفاقية التي وقعها السيد سلطان بن الإمام أحمد (ت. 1804) مع بريطانيا في عام 1798، ونصت على أن العلاقة تظل ثابتة إلى الأبد. وأعقب هذه الاتفاقية سلسلة من التدخلات والاتفاقيات. وبعد سنتين من توقيع أول اتفاقية، افتتحت وكالة سياسية في مسقط عُرفت بالوكالة السياسية البريطانية عام 1800، ولكن وفاة أول ثلاثة وكلاء بسبب قسوة المناخ تسبب بإغلاق الوكالة في عام 1810، وعادت بعد ثلاثين سنة بتعيين النقيب أتكينز هامرتون واستمرت حتى عام 1972، حين ألغي منصب الوكيل السياسي، وعينت بريطانيا بدلا منه سفيرا في مسقط. على الرغم من هذه العلاقة لم تكن عُمان رسميًا ضمن الهيكل الاستعماري، إضافة إلى ذلك لم تكن الدوائر البريطانية تملك الحماس لإعادة هيكلة النظم الثقافية والاجتماعية، وصياغتها بذات الجرأة التي مارستها بالنسبة إلى النظم الاقتصادية والسياسية؛ فقد كان نفوذها قويا في رسم أبعاد حركة المجتمع السياسي منذ عام 1798م وحتى ما بعد منتصف القرن العشرين، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى تفتقر الحالة العمانية للدراسات التي تناقش الآثار الاجتماعية والثقافية للنفوذ البريطاني.
يقدم لنا هذا الكتاب، للدكتور حسين غباش، باحث وكاتب من الإمارات العربية المتحدة، نظام الإمامة الإسلامية في عمان؛ وهي تجربة حكم انفردت باستئناف العمل بنظام الشورى القائم على مبدأ الإجماع والتعاقد، بعد دولة الخلافة، وامتدت أكثر من ألف عام وهي لذلك تمثل المرجعية التاريخية الوحيدة لنظام (الديمقراطية العربية الإسلامية). وعليه، فإن دراسة هذه التجربة الاستثنائية، خصائصها الفكرية والسياسية، نشأتها المبكرة، ومقومات استمرارها، هي مساهمة خاصة في الفكر العربي الإسلامي. كما أن عمق هذا البحث - الذي استغرق عشرة أعوام من العمل - وتشعبه ومنهجيته وسفره الطويل في الفكر والتاريخ الإسلامي المبكر، ومن بعده في التاريخ العماني، يقدم لنا قراءة جادة ومعمقة لتاريخ هذه المنطقة، ويلقي الضوء الكافي على حقيقة هذه التجربة الإسلامية الهامة والمجهولة. الناشر
استطاع ستفن ويپل، وهو أستاذ ألماني متخصص في الاقتصاد ومعني بدراسات الأقلمة خاصة في عُمان والمغرب، أن يجمع باحثين من تخصصات مختلفة من الإعلام، والأنثروبولوجيا الاجتماعية، والدراسات الإسلامية، والدراسات الحضرية، واللسانيات، والسياسة الدولية، والتاريخ، والجغرافيا الاقتصادية، والاقتصاد السياسي، لدراسة عُمان بمنهج جديد يأخذ بالدراسات البينية ويستكشف هذا البلد لا بكونه طرفا معزولا في أقصى جنوب شبه الجزيرة العربية، وإنما بكونه مركزا لديناميات اجتماعية واقتصادية وسياسية امتدت من شرق أفريقيا مرورا بالمحيط الهندي وبحر العرب إلى آسيا وأوروبا. إنه رؤية بانورامية واسعة تمتح من التاريخ والسياسة والاقتصاد وعلم الاجتماع في دراسة الحركة الفاعلة والديناميات المعقدة للمجتمع والدولة في عمان، عبر زمان يمتد من القرن السادس عشر إلى الآن، وعبر مكان يمتد من زنجبار إلى الخليج العربي والهند والولايات المتحدة الأميركية وغيرها من أصقاع العالم. هكذا استطاع الكتاب أن يخرج من فخ الدراسات التي تنحو إلى تبسيط العالم وفق أطر مسلم بها، أو ما يسميه ويهل بـ«الميتاجغرافيات الراسخة». تكمن أهمية الكتاب في تجاوزه للمفاهيم الجغرافية الضيقة وفتح المجال لتعددية التخصصات (Multidisciplinarity) من أجل الوصول إلى فهم أوسع للديناميات الاجتماعية والثقافية والسياسية التي ارتبطت بعمان لا بصفتها إقليما محدود المعالم «سلطنة عُمان»، وإنما بكونها «إمبراطورية» متعددة الأقاليم وعابرة للقارات والثقافات. من تقديم د. هلال بن سعيد الحجري