أنتم ومن هم على هذه الأرض الطيبة من أبنائكم فقط من تصنعون الوطن وأمجاده، بحاضره ومستقبله، ساعين لبقاء هذه الأرض عزيزة طيبة لا تنبت إلا طيبا، لذا لا بد على الجميع هنا إتقان بناء عمان والابتعاد عن كل ما يعكر صفو العيش الكريم للوطن والمواطنين الأعزاء، فعمان تستحق منا جميعا الكثير من الإخلاص والوفاء لسلطانها ومؤسساتها وقلاعها وأفلاجاها وشواطئها وبحرها وشجرها وهوائها ومائها، بل ولكل حبة رمل من تراب أرضها الطيب المبارك.
رسالة موجهة من الأعماق إلى كل ذي عقل وحس وإدراك، للتأمل في نهوض وسقوط دولة، وُصفت يوما بأندلس إفريقيا.. تأمل هو، ليس للتفاخر ولا للتعاظم؛ وإنما للاعتبار من دروس الأولين. سيرى القارئ كيف استطاع المستعمر، بدهائه المعهود، نسج الأكاذيب العرقية والطائفية؛ وتمكن بقدرته الخبيثة من زرعها في ألباب البسطاء من الناس؛ تمهيدا لاستخدامها للكيد بالإسلام والعروبة، من ناحية؛ وتحقيقا لخطته الاستعمارية، فرق تسد، من ناحية أخرى. رسالة هي تدعونا إلى نبذ واجتثاث كلّ ما يؤدي إلى الفرقة والشقاق في نسيج المجتمع الواحد؛ وتكشف لنا في الوقت ذاته بأنها ليست بأكثر من مخطط استعماري بمفهومه الحديث.
من المعروف أن السلطنة تتكون من مناطق اقليمية، وكل منطقة مكونة من عدة ولايات، وكل ولاية تشتمل على العديد من البلدان والقرى، وبشكل موجز نتحدث عن منطقة محافظة مسندم، هذا الجزء الأقليمي الواقع في الشمال الغربي من السلطنة، الممتد ساحله من خليج عمان إلى الخليج العربي في سلسلة جبلية تسمى برؤوس الجبال، تبدأ من خطمة ملاحة إلى أقصى الجبال الغربية المتاخمة لدولة الإمارات العربية المتحدة. وبعون الله أحاول قدر المستطاع وضع النقاط على الحروف، في المواضيع الواردة بمحتويات هذا التعريف.
تعد محافظة الداخلية بمثابة القلب من عمان من حيث الهضبة الجبلية والمدن الرئيسية والشهرة التاريخية والطابع المميز بالجبال والوديان الواسعة والسهول الشاسعة ففيها الجبل والوادي والسهل ولكل منها خصائص وفوائد ومنافع ينعم بها المواطن والمقيم والزائر أينما حل وارتحل على ظهر هذه الأرض الطيبة المعطاء وهي جزء إقليمي من أقاليم السلطنة مكون من منطقة إدارية من بين ثمان مناطق وتشمل هذه المحافظة ثمان ولايات هي: - ولاية نزوى، ولاية بهلاء، ولاية الحمراء ، ولاية منح، ولاية أدم، ولاية إزكي ولاية سمائل ولاية بدبد هذه الولايات الثمان بها عدد كبير من البلدان والقرى وسنأتي بعون الله إلى التفصيل في ذكر كل ولاية على حدة.
لقد وصل بنا ركب التجوال في ولايات محافظة الداخلية لنبدأ بإطلالة سريعة تلهف العاشق لزيارة ولاية نزوى ذاكرة التاريخ العُماني وقلب محافظة الداخلية النابض بفيض العلم والمعرفة. هي من أهم المدن العُمانية بالمحافظة وهمزة وصل بين محافظات السلطنة حيث تربط بين محافظة ظفار ومحافظة الوسطى ومحافظة شمال الشرقية ومحافظة الظاهرة وصولاً إلى مدينة العين بدولة الإمارات العربية المتحدة عن طريق نزوى، عبري البريمي، وقد احتلت مكانة مرموقة عبر التاريخ العُماني باعتبارها العاصمة التاريخية لعُمان لفترة من الزمن لما تمتعت به من ميزات متعددة ووصفها الشيخ المؤرخ محمد بن عبد الله السالمي في كتابه نهضة عُمان طالب طلب بقوله : (نزوى أفخم بلاد داخلية عُمان ويوجد بها من الأنهار والأشجار ما لا يوجد بغيرها من المدن الأخرى).
وثمة حقيقة نؤكدها هي عدم صحة الدعوى القائلة أن اللواتيين لم يكن لهم مسمى قبلي لهذا سمو حيدرآباديين تارة والخوجة تارة أخرى والتي جاءت ضمن عبارات خاطفة عند بعض المؤرخين والمهتمين بالتراث اللواتي. وهذا النكران جاء بسبب أن تاريخ اللواتيا كتب بأيدي غير الباحثين اللواتيا، لأنهم هم من يستطيع إضفاء الوصف على ما كان يجري عندهم من تيارات اجتماعية وغيرها التي حددت مسار حركة اللواتيا في عمان، وفيما عدا ذلك فإن كافة الشواهد تشير أن اللواتيا لم يفتقروا يوما إلى مدونين للتاريخ بقدرما سمحت لهم ظروفهم. كل ما هنالك هو أن هذا التراث تعرض لأحداث زمنية مثلما تعرض له تراث معظم القبائل العربية والإسلامية من ضياع وشتات فضلا عما كان يصحب هذه الفترة من حروب محلية وفتن داخلية وإحراق للمصادر وتخريب للآثار التراثية.
الإمام سالم بن راشد من الشخصيات البارزة في التاريخ العماني الحديث، وكان له دور في درء الفساد الديني والاجتماعي والسياسي الذي حل في عمان في تلك الحقيبة الزمنية، ومثل هذه الشخصيات ينبغي إبرازها لتكون منارة تستضيء بها الأجيال في سدفات هذا الزمن الذي طغت فيه الأفكار الهدامة وأبرزت فيه القدوات الساقطة. ومواجهة العقبات في رحلة البحث أمر لابد منه، وكحال أي باحث واجهتني مجموعة من العقبات، وأهم تلك العقبات قلة المصادر والوثائق والدراسات التي تناولت شخصية الإمام سالم، ولعل الوثائق موجودة ومتوافرة في الخزانات، إلا أن الذي استطعت الوصول إليها قليل جدا مقارنة بالوثائق التي تتعلق بخلفه الإمام محمد بن عبدالله الخليلي؛ لذلك جاء البحث مختصرا وهنا أوجه دعوتي لكل من يستطيع أن يعينني بوثائق تتعلق بشخص الإمام سالم بن راشد أن يتواصل معي؛ لنستطيع إضافتها في نسخة قادمة، وله من الله الأجر والثواب.
يتتبع الباحث أحمد بن خميس السنيدي في كتابه هذا، ما تناثر في بطون الكتب مما يخص بني بوعلي في نسبهم، ومواطن انتشارهم، وجوانب التنظيم في حياتهم الاجتماعية والإدارية. ويجمع ما سطره المؤرخون عن هذه القبيلة، ويدون روايات كبار السن في ما يتعلق بكيفية اجتماعها على أمير واحد بعد أن كان أفرادها متفرقين متناحرين. ويتطرق السنيدي لما حدث في زمن كل شيخ من شيوخ القبيلة من أحداث سياسية أو قبلية، ومن أبرزها التعرض لمصالح بريطانيا في مياه بحر العرب، وما تلاه من حربين كان النصر في الأولى منهما حليف بني بوعلي. ومن أبرز الأحداث كذلك مسير بني بوعلي إلى مسقط ثلاث مرات؛ الأولى لمؤازرة السيد تركي بن سعيد عام 1871م، والثانية لنصرة السلطان فيصل بن تركي عام 1895م، والثالثة وفاء للسلطان تيمور بن فيصل عام 1913م.
بحذرٍ شديد، وفي ليلة معتمة لا قمر فيها، تسلّلوا من خلف البيت، نزلوا من المدرّجات المزروعة بأشجار الرمّان والورد باتجاه الوادي، حيث أشجار الجوز والتين المتشابكة، ثم صعدوا إلى جهة أخرى، سائرين خلف الرجل نحو طريق جبليّ آخر. وبعد أن قطعوا مسافة قصيرة، اعترض طريقَهم أحدُ العساكر، أشهر بندقيته نحوهم، تسارعت دقّات قلوب الصغار، ضمّت جوخة طفلَها الصغير النائم على حضنها، وأرخت عليه اللحاف، تنازعتها الهواجسُ بأنهم قد يتعرّضون لخيانة أو أن يكون الرجل باعَهُم للجيش، وربما يُقْتَلون جميعاً ولن يعرف أحد عنهم شيئاً، ففي هذه الأيام العصيبة اختلطت الأمور، وما عادوا يعرفون الصديق من العدوّ، الصادق من الكاذب، الثائر من الخائن، وقد يبيع الإنسان أخاه بكسرةِ خبز، لكن جوخة تعلّقت بقشّة واهية في ذلك الليل المتلاطمة أمواجُه في قلبها.
كيف كانت الأحوال السياسية في عمان واليمن في بداية القرن العشرين ؟ وما مدى تأثير هذه الاحداث في كل من عمان واليمن على علاقتهما ؟ وهل ثمة مشكلات حدودية بين الدولتين , وما مداها ؟ ألم يكن للاستعمار البريطاني دور فيما يتعلق بالحدود بين عمان واليمن وما هو الدور الذي لعبه اليمن في ثورة ظفار وما حجم المساعدات المقدمة للثروة وما نتيجة ذلك ؟ وما هي اسباب قيام الثروة اليمنية في شمال اليمن ؟ ما تأثيرها في عمان ؟ إنه دراسة أكاديمية جادة للعلاقات بين البلدين عربيين جارين في زمن طغى فيه التدخل الأجنبي في شؤون بلدان المنطقة كلها، وشهد فيها حرباً عالمية، وأخرى باردة لم يسلم بلد من آثارهما في شؤونه الداخلية والبينية مع البلدان الأخرى القريبة والبعيدة.
يعد التراث العماني المخطوط سجلاً للحضارة العمانية ومنجزها الفكري منذ قرون طويلة وحتى مرحلة التحديث التي شهدتها عمان خلال العقود الخمسة الأخيرة. وقد بقي التراث العماني المخطوط بمنأى عن الأوساط العلمية في البلاد العربية والإسلامية ردحا طويلا من الزمن، مع قلة ما أنجز من أبحاث ودراسات عمانية في تاريخ المخطوط العماني. ومن هنا تأتي هذه الدراسة المتمثلة في مسح مجموعات المخطوطات المحفوظة في بعض الخزائن العامة والخاصة، وكتب التراث العماني المطبوعة، واستخلاص ما أمكن رصده في موضوع تاريخ المخطوط العماني وتقاليد نساخته، والإفادة من الأبحاث والدراسات السابقة التي اقتربت من الموضوع أو اشتملت على شيء من مباحثه، والدراسات في علوم المخطوط العربي، وبعض المصادر التاريخية واللغوية، والدراسات الأثرية، والبحث الميداني الذي شمل رصد بعض المعلومات المتعلقة بالوراقة والنساخة ومعاينة وتصوير الشواهد المادية، ومقابلة بعض المختصين وذوي الدراية.
يدرس هذا الإصدار تاريخ مدينة نزوى في عهد الإمامة الإباضية الثانية وذلك بالتركيز على دراسة الأوضاع السياسية والحضارية. ويأتي اختيار الموضوع من كونه يتناول مدينة تعدُّ من أشهر المدن العمانية على مر الفترات التاريخية لعمان، إذ ظلت عاصمة لدولة الإمامة مدة طويلة، مما جعلها تسهم في رسم ملامح التاريخ العماني بصورة واضحة، كما أثّرت في مختلف النواحي السياسية والحضارية، أما تحديد فترة الدراسة بالإمامة الإباضية الثانية (177 - 280 هـ / 793 – 893 م)، فلأنها فترة مهمة في تاريخ عمان، إذ تمكن الإباضية من إقامة كيان سياسي قوي بعد انهيار الإمامة الإباضية الأولى، واستمر هذا الكيان ما يزيد على قرن من الزمن، شهدت عمان في عهده ازدهارا طال مختلف جوانب الحياة، فضلا عن أنه تزامن مع قيام الإمامة الإباضية الثانية انتقال عاصمة الدولة من صحار إلى نزوى، مما جعلها في بؤرة الأحداث العمانية.