بدأ تاريخ عُمان الحديث بخروجه من أزمتين كبيرتين وهما التشتت السياسي وغياب الوحدة والاستعمار البرتغالي والفارسي لبعض أجزائها؛ وقد استطاعت عُمان أن تخرج من هاتين الأزمتين قوة سياسية واقتصادية كبيرة في المنطقة. هذا الكتاب يحمل طياته مجموعة من الأحداث السياسية التي مرت بها عُمان في تاريخها الحديث والمعاصر وضع على شكل قصص أو أحداث في حلقات شبه مستقلة في شكلها مترابطة في مضمونها متدرجة تاريخياً قدر الإمكان، ابتداء من القرن السادس عشر غداة الاستعمار البرتغالي مرورا بالعهد اليعربي والتدخلات الأجنبية وصولاً إلى سعيد بن سلطان ثم ثورة ظفار، حتى عهد النهضة المباركة.
بدأت المقاومة العمانية للبرتغاليين منذ الوهلة الأولى عند محاولة البرتغاليين السيطرة على المدن العمانية، واستمرت بعد ذلك، ولم تفتر همم العمانيين، بل استمرت محاولاتهم لطرد البرتغاليين طيلة عقود من الزمن، حتى انتظمت المقاومة بعد ذلك تحت قيادة موحدة في عهد الإمام ناصر بن مرشد البعربي عام 1624م استمرت المقاومة العمانية في عهد خلفاء الإمام ناصر بن مرشد، كما استمر الدور التاريخي العماني في مواجهة المستعمر البرتغالي، حيث لم تتوقف الحملات العمانية ضد البرتغاليين، واستمرت هذه الحملات في منطقة الخليج العربي خروجا منه إلى المحيط الهندي، واستطاعت أن تتغلب على البرتغاليين في مراكزهم في تلك المناطق.
جاءت فكرة هذا الكتاب ليكون أحد روافد رصد التراث الثقافي العُماني، وثمرة تعاون علمي ثقافي بين الجمعية العُمانية للكتّاب والأدباء، ومركز الدراسات العُمانية بجامعة السلطان قابوس؛ من خلال عقد ندوة مشتركة تُعنى بالرسوم والنقوش والكتابات الصخرية بتاريخ 30 مارس 2022م. وذلك؛ بالتركيز على نماذج من النقوش والرسومات الأثرية التي تتوزع على مناطق مختلفة من الجغرافيا العُمانية تمثل حلقة الوصل بين الماضي والحاضر والمستقبل؛ بل وتساعد على فهم كيفية تعايش الإنسان العُماني مع بيئته بفكر متوقد من ناحية، وكيف ينبغي على الأجيال الحالية والمستقبلية التعامل مع هذه الكنوز التاريخية.
وصل العمانيون بمتاجرتهم إلى أقصى شمال الصين، إلى مدينة قانصوا وبلاد الشيلا التي يعتقد أنها بلاد كوريا ووصلوا إلى بلاد الواق واق في أقصى الشرق والتي يعتقد أنها اليابان، إذ قاموا بمعظم النشاط التجاري مع بلاد الشرق في فترات تاريخية طويلة منذ العصور القديمة إلى العصور الحديثة، فكانت رحلات التجار العرب من العمانيين وجنوب الجزيرة العربية وغيرهم إلى الصين عبر طريق الحرير البحري (طريق اللبان) منذ آلاف السنين، وقد ازدادت تلك الرحلات البحرية العمانية نشاطًا في العصور الإسلامية الأولى.
المصطلح ليس خاصا بالعلوم فـ"لكل قوم اصطلاحهم" كما قيل، هناك مصطلحات بحسب المهن والصنائع ومصطلحات بحسـب الفئـات الاجتماعيـة ومصطلحـات بحسـب البيئـات والثقافـات والمذاهـب الفكريـة ومصطلحـات بحسب الأزمنة والعصـور التـي تظهر في زمن وتتلاشي فيما يليـه، وهنـاك مصطلحات ترمّز بالكلمـات وأخرى ترمّز بالأعداد والرسوم والرموز الخاصة المختلفة.وتسعى هذه الدراسات لتلمس المصطلحات العمانية باعتبار أن الثقافة والحضارة والبيئة العمانية سياجات تسيّج مفاهيم خاصة بعمان، أو بما له وشيجة قربى بها، سياجات تحد من دخـول المفاهيم اللغوية العامة بها، أو من دخول المفاهيم اللغوية الخاصة بغيرها بها كذلك.
وما هي إلا دقائق حتى اخترق آذان الجميع ألذ صوت تمنوه، فهللوا وكبروا وحمدوا، فقد بدأ القارب في الإنسياب على صفحة بساط داكن من مياه البحر الهادئة، وقد تبسم الجميع ثم ضحكوا بملء ثغورهم، فقد رأوا الصغيرة "مريم" وهي تلّوح بيدها نحو الشاطئ مودّعة لا أحد، فما كان منهم إلا المشاركة في التلويح، وفجأة جاشت مشاعرهم وبدوا في غاية التأثر وهم يودّعون زنجبار الوداع الأخير.
إن الذي دعاني للاعتناء بالكتابة عن آل المهلب أنني رأيت أخبارهم لا يجمعها كتاب، بل إنها أخبار متفرقة في كتب التاريخ والسير وكتب التراجم وغيرها، ولم أطلع على تاريخ مستقل فيهم، مع أن أبا الفرج الأصفهاني صاحب الوزير المهلبي في الدولة البويهية ألّف فيهم كتابًا سماه (نسب آل المهلب) وألّف فيهم خالد بن خداش المهلبي مولاهم كتابًا سماه (الأزارقة وحروب المهلب) لكن لم تصل إلينا هذه الكتب، ولم أطلع على شيء منها.... (المؤلف)
والحق أن هذا السفر المتميز الممتاز حاول أن يحيط بسيرة هذه الشخصية المهمة الفذة وأن يستقصي ملامحها وتراثها، وأن يبين شأنها ودورها ومكانتها كيفما أمكنه ذلك، فجاء سفرا نفيسا نادرا قيما تفتقر مكتبتنا العمانية إليه، ويسد فراغا في تاريخ عمان الحديث، وهو ينبئ عن جهد غير هين بذله كاتبه في جمع شوارده وملاحقة مصادره وترتيب أقسامه وأبوابه، ليخرج بهذه الصورة الشيقة المفيدة، ولهذا وجب علينا أن نوجه له التحية والشكر والثناء الجميل على هذه التحفة الثمينة التي أهداها لأبناء وطنه. لقد استطاع (الباحث) الوصول إلى معلومات جمة مثيرة ونادرة أسس عليها مؤلفه الضخم الفريد، وقد توفرت له هذه المعلومات من خلال مقابلات مطولة أجراها مع كثير من الأشخاص الذين كانوا على صلة حميمة بالشيخ من أبنائه وأقاربه، وكذلك مع أصدقائه ممن واتتهم فرصة التعرف إليه ولقائه والاجتماع به، أو من خلال وثائق مهمة اطلع عليها وهي كثيرة العدد متنوعة الأغراض والمقاصد، وأهمها أصول الرسائل التي أرسلت إلى الشيخ ونقول رسائل قام هو بارسالها، وفي تلك الرسائل- المرسلة والمتلقاة- فيض معلومات تميز كثير منها بالندرة والأهمية البالغة مما يجعلها ذات أثر في تاريخنا العماني المعاصر، ويمكن أن تلقي الأضواء على غوامض والتباسات أحاطت بعديد القضايا والحوادث، هذا إضافة إلى ما التقطه الباحث من بيانات وأخبار تتعلق بالشيخ الجليل وأدواره الحياتية المتنوعة والثرية، ومواقفه البينة الصلبة العنيدة في مواضع، والمرنة إن كان الحال يحتمل المرونة.
الشيخ عبدالله الخليلي من أسرة شعرية، فاض الشعر في شتّى جوانبها، فجده الأكبر – مفتي عُمان في وقته - الفقيه العلامة الشيخ سعيد بن خلفان، كان شاعرًا مُجيدًا بليغ الكلمة، وجده المباشر لأبيه الشيخ عبدالله بن سعيد، يعد من الشُّعراء الكبار، وجده لأمه الشيخ أحمد بن سعيد، هو شاعر كذلك، وهذه الأسرة الشعرية البارزة لم تكن أسرة شعر فحسب؛ وإنَّما هي أيضًا أسرة علمية فقهية توارثت العلم أبًا عن جَدّ على مدى قرون متوالية، وقد ورث الشيخ عبدالله من آبائه وأجداده علوم الفقه واللغة والأدب، إضافةً إلى الشَّعرِ الذي برز فيه. الصفحة 98
لا غنى للباحث عن الوثائق التاريخية، فهي الركيزة الصادقة التي تحفظ أخبار الأجيال السابقة من أعلام وأنساب وتسلسل للأجداد، ولهجات محلية، وغيرها من المنافع. وتُعد الوثائق المكتوبة كنزاً للأجيال الحالية والقادمة، يحفظ تفاصيل أنواع البيوع والقضاء، والإصلاحات التي جرت بين العوائل والقبائل وتضمنت أعرافاً نَظمَت العلاقة بين الأفراد، فهي تسجيل حي لأحداث اجتماعية وسياسية ودينية واقتصادية غابرة، مهمة لأي بحث تاريخي في هذا المجال. ولأهمية هذا الموضوع، جمع أحمد بن خميس بن محمد السنيدي (أبو عبدالله) وثائق لأهالي جعلان بني بوعلي من مختلف الأطياف، تبرز بعض واقع الحياة ونشاط السكان في جعلان بني بوعلي خلال الفترة (1319-1391هـ/1902-1971م)، ومدى حاجتهم إلى توثيق عقود المعاملات بينهم، وعناية المتعلمين بهذه المهمة المتمثلة في كتابة الوثائق لحفظ حقوق الناس وتنظيم شؤونهم، وقد رتب المؤلف تلك الوثائق ترتيباً زمنياً، مع كتابة نص توضيحي لمحتوى كل منها.
مثَّلت مرحلة حكم الإمام عزان بن قيس منعطفا مهمًّا في تاريخ عمان السياسي في النصف الثاني من القرن التاسع عشر الميلادي؛ نظرا إلى الأحداث المهمة التي أسفرت عنها تلك الحقبة داخليا وخارجيا، لا سيما بعد وفاة السيد سعيد بن سلطان. وتأسيسا على ذلك، يهدف الكتاب إلى تحليل الأسباب التي دفعت العلماء إلى انتخاب عزان بن قيس، والكشف عن السياسات التي اتبعها للتعامل مع الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ورصد العلاقة بين حكومة الإمامة والحكومة البريطانية، وبيان التحديات التي واجهت الإمام عزان، وأدت إلى سقوط حكمه. كتاب علمي قيم لا غنى عنه لأي باحث أو مهتم بالتاريخ العماني.