يبحث هذا الكتاب موضوعي الجمع الروائي والجمع اللغوي في تراثنا: الجمع الروائي الذي دونته المجموعات الحديثية المختلفة ونسبته إلى النبي والصحابة وتابعي الصحابة هو تراث إنساني يدرس بتصديق وهيمنة آيات الكتاب، وهذا يحفظ الدين من تشويش وشغب ما يرويه الناس، ويوظف الحديث معرفياً في نطاق آيات الكتاب. أما الجمع اللغوي الذي دون في كتب اللغة فقد تشبع بأعراف وتقاليد شعوب وقبائل المنطقة، وعند هيمنته على الكتاب فمن المنطقي أن نحصل على مآلات برائحة ونكهة الزمن الذي تولدت فيه تلك الدلالات اللغوية، وهذا النهج قديم لخصه ابن عباس فيما نسب إليه بقوله: (إِذَا قَرَأَ أَحَدُكُمْ شيئاً من القرآنِ فَلَمْ يَدْرِ مَا تَفْسِيرُهُ، فَلْيَلْتَمِسْهُ فِي الشَّعْرِ، فَإِنَّهُ ديوانُ العَرَبِ).
يُصنَّف "طبقات المشايخ بالمغرب" لأبي العبّاس أحمد بن سعيد الدّرجيني، ضمن كتب المناقب التي عادةً ما يكون الهدفُ من تأليفها تتبُّع المسلك الأخلاقيّ للعلماء، وذكْر الفضائل التي يتحلَّون بها بهدف أخذ العبرة والعظة والقدوة الحسنة. لكن الأهمّ من ذلك، أنّ هذا الكتاب يكشف من خلال سِيَر التراجم -وإنْ بطريقةٍ غير مباشرة- عن حياة النّاس خلال القرن السّابع للهجرة في علاقة بعضهم ببعض، في ظلّ تنوُّع أعراقهم ومذاهبهم وطبقاتهم، لذا نراه يمدُّنا بمعلومات قيّمة تتعلَّق بمعاشهم، وأنشطتهم، ومأكلهم، وملبسهم، وعاداتهم؛ الأمر الذي يخدم المختصّين والباحثين والمهتمّين بمجال التاريخ الحضاريّ والاجتماعيّ والاقتصاديّ.
تعتبر الأمثال كنزاً متوارثاً أبا عن جد، وإرثاً حضاريا يتطلب الوقوف عنده، ودراسته دراسة مستفيضة، وجزءاً لا يتجزأ من تراث كل أمة وكل بلد وهي عبارة عن نتاج ما استخلصته الإيام وتراكمت عليه السنين من خبرات، وتحديات، وتجارب في حياة الناس، ولا سيما أنها تختصر علينا الجمل الطويلة والشرح المستفيض بكلمات معدودة وجمل بسيطة وأبرز ما يقال عنها: "خير الكلام ما قل ودلّ"، لذا ينبغي الحرص عليها والمحافظة على توثيقها جيلاً بعد جيل سواء كان ذلك بالتداول في حياتنا اليومية أو بالتدوين لكي لا تُنسى وتُمحى مع مرور الزمن.
شهد القرن التاسع عشر أحداثا كبيرة في شرقي الجزيرة العربية، حيث رغبة آل سعود في التوسع على حساب جيرانهم عمان ومشيخات ساحل عمان والبحرين، والكويت فضلا عن بلاد الحجاز وحائل وتسبب تهديدا للملاحة في مياه الخليج العربي. وجاءت دراسة الزميل الدكتور ناصر بن عبد الله الصقري "علاقة الدولة السعودية الأولى بعمان" لتلقي الضوء على الأسباب والأحداث والنتائج التي توصلت إليها الدراسة. وخلال الفترة المختارة: 1800 - 1818م وكان على رأس السلطة في عمان في هذه الفترة السيد سلطان بن الإمام أحمد البوسعيدي (1793م - 1804م)، وبعد مقتله خلفه ابنه سعيد بن سلطان (1804 - 1856م)، بينما في الجانب السعودي الإمام عبد العزيز بن محمد بن سعود (ت: 1803م) ثم ابنه سعود الكبير بن عبد العزيز (ت: 1814) وخلفه ابنه عبد الله بن سعود (ت: 1818م) وبذلك انتهت الدولة السعودية الأولى على يد محمد علي باشا مصر بتكليف من السلطان العثماني. الأستاذ الدكتور سعيد بن محمد بن سعيد الهاشمي أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر (المتفرغ)
يغطي الكتاب في موضوعه فترة زمنية مهمة من تاريخ عمان المعاصر، تبدأ مع بداية حكم السلطان فيصل بن تركي بن سعيد الذي حكم في الفترة من 1888 - 1913، وتنتهي بعام 1970، وهو العام الذي تزامن مع حكم السلطان قابوس بن سعيد (رحمه الله)، باعتباره مؤسس نهضة عمان الحديثة، وقد شهد التعليم منذ ذلك العام نقلة نوعية غير مسبوقة في مسيرة التعليم، وبالتالي هو يقف عند عام فاصل في سيرورة التاريخ العماني وصيرورته، وانتقاله من حال إلى حال، مواكبا بذلك المتغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. كما يقدم الدكتور ناصر الصقري في هذا الكتاب تطوافا تاريخيا جميلا، وهو لا يؤرخ لحدث سياسي، بل يؤرخ الجوانب حضارية وإنسانية حافلة بالذكريات عن تلك الحقبة من الزمن، وبذلك يقدم تأريخا لذاكرة الإنسان وذاكرة المكان، ومع أنه يؤرخ لمسيرة تطور التعليم في عمان خلال حقبة تاريخية مهمة (1888 - 1970م)، إلا انه في ذات الوقت يقدم مؤشرات في غاية الأهمية عن تأثير الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية في تاريخ تلك الفترة الزمنية، وهو يقدم كل ذلك بلغة أكاديمية جادة، وفي ذات الوقت استخدم أسلوب ينضح بالديناميكية بالنسبة لروح السرد التاريخي، وهو ما يغري القارئ على مواصلة القراءة، فالانتقال من فكرة إلى أخرى يبدو منطقيا والانتقال من ذاكرة الكتاتيب إلى ذاكرة المدارس الأهلية والخاصة في مسقط، ومطرح، وصولا إلى المدارس النظامية يأتي في سياق كرونولوجي واضح، مقتفيا يصير كل أثر مادي وغير مادي، وكل صورة، وكل ذاكرة حية أمكن الحديث معها، والاستماع لها. د. علي بن سعيد الريامي رئيس قسم التاريخ - جامعة السلطان قابوس
يعتبر رصد التاريخ لاستلهام العبر والعظات، والاقتداء بمن مضى من أصحاب الخير من عوامل نهضة المجتمعات والأمم، ويعتبر التاريخ من أرصدة القوة كونه يقيّد تجارب شعوب وأفراد عاشوا في هذه الأرض وقد مرت عليهم أحداث تفاوتوا في طريقة التعامل معها. وكان أن رصدت في هذا السفر جزءا من تاريخ عُمان وسميته «المنزفة. بيوتها الأثرية - تراجم أعلامها وهجرتهم إلى الدريز وغيرها من البلدان في عمان وإفريقية الشرقية»