حقائب خفيفة للراحلين
رحيل من كانوا معنا، يعني أننا فقدنا أملَ احتمالية أن نلتقيهم في أيّ صدفة مقبلة، أو فقدنا فسحةَ ذلك الأمل. هكذا يجيب الموت عادةً: “كانوا هنا، والآن قد رحلوا”، ولكن حين كانوا بين ظهرانينا، هل كنا منشغلين بهم إلى الحد الذي يجعل رحيلهم مفجعًا لنا؟ هذا سؤال آخر، لكنَّه سؤال قاسٍ قد يتبادر إلى الذهن بسهولة. الأمر في هذه الحالة لا يتعلَّق فقط بغيابٍ مقابل حضور، إنما بالأمل، فمع الراحلين تُرك كلُّ بصيص أمل وراءنا وإلى غير رجعة، على الأقل في الحياة التي نعيش. في هذا الكتاب، تتبادل الحضورَ أسماءٌ من أزمنة وأعمار مختلفة، لكنهم جميعهم يشتركون في حال الغياب، غياب يقترن بحضور وحياة الكاتب ومدى علاقته بكلٍّ منهم مباشرة أو من خلال القراءة أو استعادة الذكريات. جميعهم رحلوا بحقائب خفيفة، هي أوراق أو مواقف تتبادلها ذواكر مَن عاصروهم قراءةً وحياة. نحن سواسية أمام الموت وإن كنا في الحياة متفاوتين.