حقيبة العسكر
إنما في هذه اللحظة الحرجة تتشابك في عابد موجات عنيفة من الاضطراب تكاد من قسوتها أن تلقيه في حالة من الإغماء، فيتصبب العرق سخياً من أحافير جبينه المتغضن، حتى أنه بالإمكان أن يلاحظ في الشماغ الكاكي الملفوف حول رأسه خطاً بنياً داكناً يصبغ الحافة الملتصقة بالجبهة الحنطية المشدودة بعصب ضخم يغوص بين عينيه. كما اجتاحت خلاياه صرخات لا لون لها تعصر جسده النحيل بخبث فقدت أحشاؤه اتزانها أيضاً وكأنها توجه له إنذاراً خفياً… لم يكن سبب ذلك عصيات الملاريا التي تستحم منتشية في دمه، أو تقلبات الطقس المضطرب، فقد كان عابد عسكر يرتكب في هذه اللحظة فعلاً أحمق وخطيراً….