حوار لم يكتمل: أتساع في الرؤية لعالم متغير
ثَمَّةَ حِوَارٍ لَمْ يَكْتُبْ، وَآخِرَ لَمْ يَكْتَمِلْ، وَالْحِوَارَ الْكَوْنِيَّ الَّذِي أُسُسِهِ (قَابِيلً وَهَابِيلَ) مَعَ بَدْءِ النَّشْأَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ؛ لَا يُزَالُ مُتَوَاصِلَا حَتَّى الْيَوْمِ بِمَاسِّيهُ. حَيَاتُنَا مَجْمُوعَةٌ مِنَ الْحِوَارَاتِ الَّتِي لَا تَنْتَهِي، بَدَأَهَا الْإِنْسَانُ بِقَلَقِهِ وَاِرْتِبَاكَاتِهِ، وَعَمَّقَتْهُ أَنَفْسُنَا الْمُضْطَرِبَةَ الْقَلِقَةَ، وَلَا تُزَالُ تَعْلِي لُغَتَهُ الثَّقَافَةَ بِمُكَوِّنِهَا الْاِجْتِمَاعِيِّ ؛ أَوْ تُهَادِنُهُ فِي مَوَاقِفِ أُخْرَى، وَقَدْ تُؤَصِّلُهُ إِلَى تَنْظِيمِ جَمِيلِ، حَيْثُ يُعَمِّرُ بِالزَّمَنِ الْمُسْتَقْطِعِ مِنْ أَعْمَارِنَا، وَتَحُلُّ النَّدْرَةُ وَالْوَفْرَةُ فِي تَضَادِّهِمَا، وَيَأْتِي الْخَوْفُ غَيْرَ الْمُتَصَالِحِ مَعَ السُّلَّامِ ؛ فَتَتَعَقَّدُ لُغَتُهُ أَكْثَرَ وَأَكْثَرَ، وَيُتَوِّهُ الْحِوَارُ فِي عَالَمٍ بِلَا خَرَائِطِ، لِأَنَّ الْوَعْي الْمُرَاهِنَ عَلَيْهِ لَا يُزَالُ تَتَقَصَّى مَكَاسِبُهُ النَّخْبَ ؛ فَيَعُودُ الْحِوَارُ لِيَتَلَمَّسُ الْبِدَايَاتُ الْأولَى، كَمَا بَدَأَ، وَقَدْ يَتَّخِذُ الرَّمْزِيَّةُ، آخِرَ وَسِيلَةِ ؛ لِلْبَقَاءِ وَالْاِسْتِمْرَارِ..