سلالم صوب الولع
لقد كان ذلك حُلماً. وكانت حشود الشعراء تجاهد في الوصول للسماء الوحشية، للأعالي التي تخفق فيها راية السخرية والخلاص المرتبك. لم يكن هناك خلاص قطعاً، بل مصهر حارق تتشكل فيه الأبدان، برزخ غريب تتنزه فيه الصورة، كما لو أنه لا بدّ من حضور طويل العنق، لا بدّ من مسافات خارقة صوب الأعلى، صوب الشمس، ليتحقق ارتطام إيكاروس، ليحتفي الكون كلّه – كعادته - بالمأساة النهمة الصيفية. لم يكن سُلماً أسمنتياً أو حديدياً، أو خشبياً، بل سُلماً مجدولاً من الحبال، الخام الأول للكون، مشدوداً إلى بعضه بإحكام، ولكنك تحسب لأول وهلة أنه منتزع من شجرة الضياع لا من ألياف نخلة، وأنه لم يُخلق كيما يكون درَجاً أو مصعداً، بل تهكّماً من الأقدام، أو تحدياً لها. سلّم يبتغي أن تطأ متنه ومتانته الهشة بالمجالدة، بخفة السفر، بوفرة الإحساس بالرعب، بالضلوع التي تحوم حولها النسور والغربان، بالرؤوس التي سُلِّطتْ على مشاريعها وأحلامها البروقُ المخاتلة..