في عتمة ذلك الليل المرير کمرارة العدم أفقت في الربع الأخير من الليل، وجلست حائرا أمام موقد النار وبدأت أنبش جمراته الموغلة في الرماد، عساني أجد واحدة تضيئ لي أطراف هذا المكان المظلم، فالكل نائمون، بينما النوم لم يعد يجد طريقه إلى عيني أمام الظروف التي تواجهني صباح مساء، لقد عافت نفسي الراحة منذ أعوام، فالديون تتراكم وتجار المدينة يطالبون بحقوقهم، والمواشي تنفق من توالي السنوات العجاف، والخريف لم تعد تمطر سحائبه طوال ثلاث سنوات، فجفت عيون المياه وزادت الصراعات بين الناس على الماء والكلاء، والثوار بدأوا يخوضون نضالهم في الجنوب، فبدت لي الأرض شاحبة تفوح منها رائحة الموت.