يتناول هذا الكتاب الأهداف التي ارتكزت عليها الفلسفة التربوية لثورة ظفار، ويبحث في العمل الجدي المنظم الذي قام به ثوار ظفار بهدف تكوين المعتقدات التربوية. فبعد المؤتمر الثاني لـ"جبهة تحرير ظفار"، الذي عقد في حمرين عام 1968، لم تعد الثورة مجرد تمرد أو حركة تهدف إلى تحرير الأرض وتغيير الحكم، بل أصبحت حركة ذات فلسفة تربوية تستهدف المجتمع برمته. وإذا كان مؤتمر حمرين قد حدد أيديولوجية الثورة في أيلول/ سبتمبر 1968، فإن برنامجي العمل الوطني في كانون الأول/ ديسمبر 1971 وتموز/ يوليو 1974 رسما المعالم الفلسفية والعملية للثوار الشعبيين. يمثل هذا الكتاب مرجعاً علمياً مهماً لدراسة أحد مفاصل التاريخ العربي المعاصر، باستخدامه منهجية البحث المتكاملة، التي تمزج بين الاستبصار الفكري وأساليب العمل الميداني. وقد قامت مؤلفة الكتاب بجهد ميداني وفكري فريد لبحث موضوعٍ يتعلق بحدث تاريخي كان له شأنه ومغزاه في وقته، وهو ما يطلق عليه اسم "ثورة ظفار"، مستنده في عملها إلى وثائق نادرة، ومقابلات مع عدد من الشخصيات التاريخية من قيادة الثورة، في مواقع وجودهم المتباعدة جغرافياً على المستوى العربي، ومقدمة في النهاية هذه الدراسة الفريدة التي يتضمنها هذا الكتاب.
لا غنى للباحث عن الوثائق التاريخية، فهي الركيزة الصادقة التي تحفظ أخبار الأجيال السابقة من أعلام وأنساب وتسلسل للأجداد، ولهجات محلية، وغيرها من المنافع. وتُعد الوثائق المكتوبة كنزاً للأجيال الحالية والقادمة، يحفظ تفاصيل أنواع البيوع والقضاء، والإصلاحات التي جرت بين العوائل والقبائل وتضمنت أعرافاً نَظمَت العلاقة بين الأفراد، فهي تسجيل حي لأحداث اجتماعية وسياسية ودينية واقتصادية غابرة، مهمة لأي بحث تاريخي في هذا المجال. ولأهمية هذا الموضوع، جمع أحمد بن خميس بن محمد السنيدي (أبو عبدالله) وثائق لأهالي جعلان بني بوعلي من مختلف الأطياف، تبرز بعض واقع الحياة ونشاط السكان في جعلان بني بوعلي خلال الفترة (1319-1391هـ/1902-1971م)، ومدى حاجتهم إلى توثيق عقود المعاملات بينهم، وعناية المتعلمين بهذه المهمة المتمثلة في كتابة الوثائق لحفظ حقوق الناس وتنظيم شؤونهم، وقد رتب المؤلف تلك الوثائق ترتيباً زمنياً، مع كتابة نص توضيحي لمحتوى كل منها.
هذا كتاب مختلف. فهو لا يروي تاريخ عمان جامدا، ولا يعرض حاضرها صامتا بل يأخذ من التاريخ عقبانه، ومن الحاضر مجاحته ليربطهما بهون كي يقدم تفسيرات للدولة والمجتمع والثقافة في عمان اليوم. فالتاريخ العماني (بل والتاريخ بعمومه) ليس مجرد أحلاف وأخبار وأشعار ومآثر فقط. والحاضر ليس أياما وأرقاما وبلدانا ومنافرات وحسب، بل هما دورة حياة متكاملة، يضع فيها التاريخ إفاضاته، ويمد الحاضر من خلالها عنقا نحو مصيره. لذلك وجبت القراءة فيهما بعناية والربط بينهما بإحكام، وهو ما توخاه الكتاب، مضيفا إلى ذلك استدعاء تجارب أمم أخرى ومحاولة إيجاد مقاربات بشأنها كي يدرك القارئ حقيقة عمان وكيف انعقدت نطفة الحضارة فيها وكيف ولدت ونمت وازدهرت كما كان يقول (آرنولد توينبي) لتنتج لنا صورة جلية لدولة اسمها سلطنة عُمان، باتت اليوم محط انظار العالم.
هل يمكن أن يمد المستعمر يد الخير للبلدان التي سيطر عليها بطريقة أو بأخرى؟ وهل أسهم في تطويرها اقتصادياً أو إدارياً أو علمياً؟ أم أنّ الهدف الأساس لاحتلال بلدان آسيا وإفريقيا كان تحقيق المكاسب ونهب الثروات، بعبارة أخرى إنه يمد يد السلب والنهب وليس يد الخير. يؤكد الكتاب عبر الأدلة والوثائق أنَّ بريطانيا بدهائها السياسي المعروف، استغلت حمايتها لسلطنة زنجبار، وحققت مصالحها بالتدريج حتى أحكمت قبضتها على كل مناحي الحياة، فصارت قادرة حتى على تعيين السلطان وعلى إزاحته، وفرضت وصايتها الكاملة على أموال السلطنة، واستخدمت الذرائع الإنسانية لإحكام السيطرة على زنجبار سياسيا واقتصاديا. فصار الموظفون الأوربيون يشرفون على كل الإدارات وعلى الجيش والجمارك والشرطة والمحاكم والبريد، فضاعت سيادة زنجبار واستقلالها. أهمية الكتاب تكمن في كونه يفتح العيون والعقول على مرحلة هامة من تاريخ سلطنة زنجبار.
يُصنَّف "طبقات المشايخ بالمغرب" لأبي العبّاس أحمد بن سعيد الدّرجيني، ضمن كتب المناقب التي عادةً ما يكون الهدفُ من تأليفها تتبُّع المسلك الأخلاقيّ للعلماء، وذكْر الفضائل التي يتحلَّون بها بهدف أخذ العبرة والعظة والقدوة الحسنة. لكن الأهمّ من ذلك، أنّ هذا الكتاب يكشف من خلال سِيَر التراجم -وإنْ بطريقةٍ غير مباشرة- عن حياة النّاس خلال القرن السّابع للهجرة في علاقة بعضهم ببعض، في ظلّ تنوُّع أعراقهم ومذاهبهم وطبقاتهم، لذا نراه يمدُّنا بمعلومات قيّمة تتعلَّق بمعاشهم، وأنشطتهم، ومأكلهم، وملبسهم، وعاداتهم؛ الأمر الذي يخدم المختصّين والباحثين والمهتمّين بمجال التاريخ الحضاريّ والاجتماعيّ والاقتصاديّ.
الإستراتيجية هي رحلة طويلة، لكن من الضرورة أن تجعلها مرنة وديناميكية الحركة، حتى تستطيع أن تواكب المتغيرات التي تحدث خلال هذه الرحلة. إن الإستراتيجية هي نقطة البداية، ولكن جوهرها هو عملية التنفيذ، وهناك مراحل أصعب، وهي المتابعة والتقييم والتعديل، فمن السهل أن يكون لديك خطط إستراتيجية، ولكن الأصعب هو التنفيذ والمتابعة والتقييم والتعديل بحسب الموارد. يهدف هذا الكتاب، من خلال فصوله الخمسة والعشرين، إلى توضيح إستراتيجية التنفيذ وأهميته، فهو محاولة بالدرجة الأولى لتقديم شرح مفصل عن "التنفيذ" وأهميته، والفارق بينه وبين الإستراتيجية، وهل الإستراتيجية أهم من التنفيذ أم لا، كما نلقي الضوء على التفاوت والاختلاف في التنفيذ. وسنحاول التعرف على كثير من الجوانب والأسس التي يقوم عليها التنفيذ والإستراتيجية، وسنطوف بكم على محطات عديدة، بدءًا من الحديث عن التنفيذ وأهميته ومقارنته بالإستراتيجية، مرورًا بإلقاء الضوء على التفاوت والاختلاف في التنفيذ، حتى نصل إلى الفصل الخاص بإدارة الوقت والتنفيذ. د. عادل سخي البلوشي