وكنت إذا ما عبرت حروف المساء تذكرت أمي طويلاً أرتب في راحتيها اشتياقي تقول إذا أذن الغيم صيفاً لأفق المسافر: "ولدت كما يولد الأنبياء" فقيراً.. يتيماً وترعى الشياه".
أغريت ساحرة الجبال بصوتك الليلي، هذا الذئب أعرفه، حكى عني حكاية طفلة نامت بحضن الزهر، تحلم بالفراشة.. بالهدية.. بالسحابة.. باخضرار الكون و لم تكن المسافة بيننا غير ارتحال الحلم، ذئب يتبع الخطوات نحو مدينة فضلى..
تحكي لي أمي في كل يوم حكاية قبل النوم. تحكي لي عن حديث الشجر والطير والقمر ، وتخبرني عن قطف النجوم ، وافتراش الحب ، وجمع حبات المطر ، وتأخذني لجولة حالمة عبر البحار ولقمم الجبال ، وأنا لا أزال في غرفتي متكئا على ذراعيها ، فتجعلني تلك الحكايات مشينا بالأماني والأحلام.
في المقبرة يد رجل تعجن الطين بالماء، رائحة الذين تعبق في المكان. وفي المغسلة كانت الجثة جاهزة. مرت الجنازة صامتة وغاضبة. همس شاب لصديقه: الله يهديه المرحوم شو يريد لها الحكومة؟. مدرس راتبه زين. من يناطح الحكومة برأسه؟. كانت يد صديق تضغط على أزرار هاتفه وتكتب رسالة نصية: جنازة حمود الراشدي تمر الآن في لحظاتها الأخيرة. مع تواجد أمني كثيف.