هي لحظات مقتنصة من الذاكرة.. لا أدري كيف ولدت.. لكنها هكذا وجدتها تزاحم المخيلة فأودت أن أقذفها إلى الحياة.. أو الفضاء.. ربما كانت الحكاية ملقاة على طريق أو رصيف في مدن بعيدة تنتظر من ينتشلها.. أو كانت مندسة بين مقاعد في مقهي بعيد.. أو .. من أفواه المشردين والحوزين.. تناقلتها أفواه المشردين .. من رحم أزقة وشوارع ومدن.. تسكعت معها ذات نهار أو ذات يوم.
الليلة كان الوجع أكثر قدرة على نخر عظام ظهرها. كابدت حتى لا تصرخ. لا تريد أن يعلم أحد بهذا الالم الذي تعلم سببه! لو تنبه لها والدها لألصقها بالعار ولخبأتها والدتها تحت أغشية سميكة وخانقة. • ماذا بإمكانك أن تصنعي في هذا العالم؟ • أن أغمض عيني ولا أستيقظ !
مطلب قهوته لم تقتصر على ذوي الشوارب واللحى فحسب بل تعداه ليصبح متعة نسوة صيفيات وشتويات يكثرون التردد على سوق مطرح فغدى يتقن التمييز بين من قذف بكعبها العالي مدنا بعيدة وبين من صيفتها رياح التغيير... يذرع أغلب أزقة السوق لكنه ذادرا ما يميل إلى سوق الظلام. وإذا حدث وانعطف ناحية تلك السكة التي تمثل سوقا داخل السوق تغير وجهه وتذمر وغدا صدره أضيق من ذلك الزقاق الذي تطبق الحوانيت على ضفتيه الملتويتين كسمكتي (علص) فوق حصيرة.
كادت سيارة الدفع الرباعي ذات الكبينة الواحدة أن تنغمس بنا في كثيب من الرمال حينا أخرجها حمدان من الشارع المرصوف بصورة مفاجئة بعد أن التفت متأخرا إلى الدرب المترب الذي يوصلنا إلى المكان المقصود. كان دربنا يكشف فضاء رحبا لا يقطع إبصار اتساعه بين الأرض والسماء سوى أشجار السمر المتناثرة بكثافة متباينة وكنت وسليمان نتراص على كرسي واحد مع السائق داخل سيارة (أبو شنب) كما يطيب للناس هنا تسميتها. ربع ساعة ونوصل عند الجماعة قال حمدان طالبا مني تحديدا تحمل هزات الطريق الممتلئ بالمطبات الرملية إدراكا منه بعدم تعودي على مثل هذه الطرق كسليمان رفيقه اللصيق.
واستقال الملاح ديوان شعر للشاعر عثمان بن راشد العميري، يحتوي علي قصائد عمودية مكتوبة بلغة تصويرية مجددة، تتنوع موضوعاتها بين الذاتية التأملية والعاطفية، يوظف معطيات الطبيعة برومنسية حديثة كالصحراء والبحر معمقا دلالاتها، يقول في قصيدة واستقال الملاح: "يشيخ علي مقلتيَ انتظارُ، أما آن أن تستقيل البحارُ، مرافئ منفاي عن سندبادٍ، سأخلع بحري، إني القرارُ"
ديوان البوح لعلي الحامدي، ديوان يشتمل على قصائد رثاء للسلطان الراحل قابوس بن سعيد، طيب الله ثراه، وقصائد أخرى توزعت في أغراض شتى في المناسبات كالوطنيات، والأعياد، والدينيات، وحتى عن جائحة كورونا. يقول في إحدى مرثياته: "أتى الموت ظمآنا فحلّ بساحنا، فخيّم فينا الحزن دهرًا نراقبه، لقد رحل السلطان قابوس سيدي، عظيم السجايا، لاتعدّ مناقبه"