إنّ من يتناول شخصية غامضة مثل سليمة بنت غفيل عليه أن يستعدّ لمفاجآت البحث الذي قد تتجمَّع خيوطه في يدِ الباحث لكنّها سرعان ما تتفلَّت منه وتنقطع فجأة خيطًا أثر خيط، فمَن هي بنت غفيل؟ وأين وُلدت؟ وأين تقيم؟ وأين آثار بيتها، أو أين منزل أسرتها؟ مَن هم أهلها؟ مَن جيرانها؟ مَن زوجها؟ أين أولادها؟ أين أحفادها؟ أو أين ما تبقَّى منها؟ وإلى أي القبائل تنتمي؟ وما المحيط الجغرافيّ الذي شهد حراكَها الشعري؟ ما الميادين التي شهدتْ محاوراتها؟ ومع مَنْ مِن الشعراء تحاورتْ؟ مَن شاهدها ورآها عيانًا؟ مَن جالسها وخاطبها واستمع إليها؟ مَن هم معاصروها من الشعراء؟ وأخيرًا متى تُوفِّيتْ بنت غفيل؟ وكيف كانت الوفاة؟ وأين تُوفِّيتْ؛ في أيّ ولاية من ولايات عُمان؟ كل هذه الأسئلة يجب أن تدور في ذهن الباحث عن شخصيةٍ كهذه كلّ ما قيل عنها سماعيّ وغير مؤكَّد ومتناقل عبر "قالوا عنها" و"سمعتُ ولم أرَ".
«شرفت في الفترة من الخميس ٢٥-صفر إلى الثلاثاء 30-صفر-1433هـ بزيارة العراص الطاهرة، والبقاع المقدسة، فقد وطئت قدمي أرض مكة -زادها الله شرفا وتعظيما- ليلة الخميس الخامس والعشرين من شهر صفر الأغر؛ وذلك لأداء مناسك العمرة، وكانت في صحبتي عائلتي الصغيرة -أسأل الله أن يثبتنا على الحق إلى أن تلقاه-. هذا، وقد رأيت بأم عيني في هذه الرحلة المباركة -بإذن الله- مواقف ومشاهد تتضمن دروسا وفوائد جمة، فعزمت -بتوفيق من الله تعالى- على تقييد هذه المشاهد والمواقف، مع الأخذ بعين الاعتبار أن أغلب ما أسجله وأقيده في هذه اليوميات إنما هو من مشاهداتي الخاصة، وليس فيها حدثني وأخبرني إلا في القليل النادر..»
التفكر هو أن ترى الله في كل شيء. الكون قرآن صامت ومحمد رسول الله قرآن يمشي والمصحف قرآن ناطق. الفرق بين نظر المسلم ونظر المشرك، المسلم ينظر نظر تفكر وغير المسلم ينظر نظر تمتع وهو النظر المادي للأشياء وعدم ذكر الخالق فهم كالأنعام بل هم أضل. من خلال ذكر النعم (الحياة والسمع والبصر) نتوصل إلى اسم الله الملك فهو مالك لكل شيء.
في هذه المدارسة؛ التي رتبت لها المكتبة الإباضية بمكتبة الندوة العامة ببهلا، ضمن مشروع «حوار مع علم»، نسبر المنهج الذي سارت عليه المدرسة الإباضية في التعامل مع الحديث النبوي، وهذا موضوع ملح في هذه الفترة، وذلك لأنه يأتي تتويجاً معرفياً في عصر الانفتاح لما انطلق منذ زمن المؤسسين للمدرسة كجابر بن زيد وأبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة والربيع بن حبيب، مرورا -مشرقا ومغربا- بالعديد من المحطات الروائية والأصولية التي تركت بصماتها على هذا المنهج.
حاول معتز ان يفك رموز علوم السر وأن يخوض في غمار طقوس الروحانية، كان جريئا في قراره، بل كانت جرأته تتضح في رسم هذه الفكرة في مخيلته؛ لتصبح حقيقة على أرض واقعه، رسم حلما جميلا لنفسه وسعى إلى تحقيقه. دخل في عوالم النورانية والأسرار المخفية، شاهد مشاهدتها، وعرف ألغازها، فتعمق في رحاب طقوسها فسبح في بحر ريادتها. كانت رحلته جديرة بالكتابة عنها فهل نجح في سعيه؟ وماذا استفاد من رحلته؟.