إن وسائل الإعلام في اي بلد من البلدان هي من أهم المصادر الأساسية للمعلومـة التي يبني عليها الفرد مواقفه، ويكون رأيه، ويمضي فيامره، وشأنه، كما تقـوم عليهـا اتجاهات المجتمع حيال الأحداث الجارية، سواء بالقبول، أو الـرفض؛ إذ تقـدم وسـائل الإعلام بكافة أشكالها دورا ملموسا في تشكيل موقف الجمهـور المتلقـي مـن القضـايا المطروحة على الساحتين: المحلية، والدولية، ولا يتوقف تغيير الاتجاه، والموقـفعلى القضايا العامة، أو الأحداث المثارة فقط، وإنما يمتد إلى القيم، وأنماط السـلوك ذاتهـا؛ إذ نجد أن اعتماد الجمهور على وسائل الإعلام يختلف باختلاف حاجاتهم، ورغباتهم.
ثمة علاقة عضوية قائمة - علاقة الجـزء بالكل؛ وعلاقة الكل بالجـزء - بين بيت الطين؛ كَمُكَـوّنٍ مـادي؛ وبين الظاهرة الاجتماعية؛ كَمُكَـوّنٍ معنـوي؛ ولأن الصورة ليـس مـن اليسير تركيب تفاصيلها، أو تقريـب تقاطعاتها، بما يقرب المكونين، مـن خـلال التنظير فقط، فإن الأمر؛ في المقابـل يستلزم الكثير من الاقتراب من واقع الحياة، الذي تمثلـه سـلوكيات وأنشطة الناس، ولأن هـذا الواقع غير ثابت، وغير مستقر؛ فإن الضرورة تقتضي الإسراع أكثر نحـو تسجيل لحظاته في الزمـن الـذي نعيشه، لأن مـا مـضى تلاشـت صـوره؛ أو تكاد، ولأن القـادم لا يزال يبحـث عـن مـوطـئ قـدم ليتشكل، ويتجسد، ويطرح نفسـه عـلى أنـه بديـل لما كان، أو لمـا هـو حاضر. فمعنى ذلك أن الزمن المتاح لتحقيق ذلك قصير جدا، وبالكاد يفسح المجال للملمـة مـا تبقى، ومـا هـو متاح.
تدور أحداث الرواية التي يؤكد كاتبها في المقدمة بأنها ليس “تأريخية وإن بدت كذلك” في بلدان صحراء بحر العرب المتاخمة لسواحل بحر العرب الذي يمتد وتتداخل مياهه مع مياه المحيط الهندي الشاسع، لكن بلدة “محوت” الصحراوية القاحلة هي التي تدور فيها معظم أحداث الرواية. برّ الحكمان أبسط ما يقال عنها أنها تختلف تماماُ عمّا كُتب في السابق عن حياة البدوي وصراع البقاء في الصحراء، لكن أكثر ما سوف يلحظه القارئ في هذه الرواية هو قدرتها على أسر الإنتباه منذ البداية وحتى النهاية، من غير أن تترك للقارئ من مجالٍ للتوقف بسبب تلاحق أحداثها وتطورها المستمرالأمر الذي يجعل القارئ في حالة استفزاز في معظم الأحيان في ترقب لمعرفة ما سوف يأتي.
هنا نحتاج إلى المعنى الرمزي للمكنسة، لنسقطه على واقعنا الإنساني الـ"معقد" لذلك نحتاج إلى مكانس كثيرة، لنكنس بها العوالق المترسبة في أعماقنا، تحتاج إلى مكان بألوان سوداء الممكن الحسد والحقد والغيرة ونحتاج إلى مكان بألوان زاهية؛ لكن بها النفاق وسوء الأخلاق، والابتدال المعروض على الأرصفة، ونكنس الوجوه الملونة، والنفوس المتصيدة في الماء العكر، وتحتاج إلى مكان مصنوعة من الحديد الصلب لكس العوالق الصدئة التي ران على قلوب أصحابها الدرن والقسوة. أنواع كثيرة نحتاجها من الـ"مكانس"، فالمشكلة جد صعبة، وجد معقدة، فهي متعددة الأشكال والوجوه: كما هي المكان التي نراها في محلات البيع.
«عندما يكون العمل متعة، فإن الحياة سعيدة! وإن كان العمل واجبا، فإن الحياة عبودية»، ذلك ما صرح به الكاتب الروسي للقصة القصيرة والرواية وأدب السيرة الذاتية والدراما والصحافي الكسندر مكسيموفيتش بيشكوف الشهير بلقبه مكسيم غوركي وغوركي تعني المرير. وهو من رواد الأدب الروسي ومن جيل أنطون تشيخوف ومؤسس أدب الواقع الاجتماعي الذي شوهته الشيوعية ليصبح الأدب الاشتراكي المستبد. اعتبر مكسيم غوركي الذي ولد في 16 مارس عام 1868 في نيزني نوفغورود، أديب شعب روسيا وممثل الطبقة الدنيا التي سحقها الفقر اولا خلال حكم القيصر ومن ثم الاضطهاد والدكتاتورية لمختلف الفئات بعد الثورة البولشوفية. تجلت عظمة أدبه في كتابته عن صراع ومعاناة وآلام الطبقة الدنيا من المجتمع، التي ينتمي إليها وعايش كافة جوانبها ابتداء من طفولته وحتى أصبح كاتبا شهيرا. عاش مكيسم يتيما بعدما توفي والده بالكوليرا حينما كان مكسيم في الخامسة ووالدته بمرض السل بعد سنوات معدودة. اعتنت به جدته التي كان لها تأثير كبير على حياته فمنها استمد حبه وتعاطفه مع الفقراء ومن قصصها وحكاياها اغتنى خياله. أجبره جده القاسي على ترك الدراسة والالتحاق بالعمل قبل بلوغه العاشرة وحاول الانتحار حينما كان في التاسعة عشرة من عمره وذلك بعد وفاة جدته التي كانت أعز مخلوق عنده.