إنما الأهم مما يمكن قوله، هو ما يمكن للبيئة أن تفيدنا به، حيث إن ثلاثية الأخزمي الروائية لا تجعل من الصحراء موضوعًا لها، فهناك البحر بكل مداه، حيث يظهر أن التركيز على البحر هو أكثر حضوراً من الصحراء، وهناك المدن والبلدان والجبال أحياناً، وبذلك تبتعد هذه الثلاثية عن مجمل ما كتب انطالقاً من عالم الصحراء، أو عالم البحر، وهو ما نشاهده بسهولة في روايات عربية مختلفة، وللصحراء موقع لافت في ذلك، في كم وافر من الروايات العربية، حيث سلط الضوء عليها، في بنيتها المجتمعية والبدوية كذلك. في حال الثلاثية هنا، مجتمع الرواية أكثر حركية، وهو يصل ما بين الاثنين، وأكثر من ذلك، فإن مجتمعاً كاملاً يتم التعرض له، في المكاشفة الروائية، ومن خلال أسماء أمكنة، وباسم دولة كاملة، وكيف أن هذا المجتمع والذي تنمذج في السياق الروائي، تتسع دائرة علاقاته الاجتماعية والثقافية داخلاً وخارجاً، وأن نهاية الجزء الثالث، هي تجسيد لانفتاح محسوس على الخارج، وتبلور التحديات من الخارج، وما في ذلك من وجوب اليقظة لمؤثراتها.
فقد إحساسه بالأشياء من حوله، تحول فجأة إلى إعصار هادر من الغضب، رفع مطرقته وهوى بها على الصخرة، وعاود ذلك مراراً وتكراراً حتى ارتج المكان، وبدأ الغبار يتصاعد من الحجارة المتساقطة. تتالت الضربات، وتحول جسده كله إلى يدين لا هم لها إلا ضرب ذلك الجبل الجاثم أمامه كأنه يضرب كل ما عاشه مُذ كان طفلًا، يهوي بالمطرقة على سجنه، على غيابه، على اليأس من مغادرته تلك العتمة، على شوقه الجارف إلى زوجته، على الهدير الذي يصم أذنيه ويمنعه من سماع أي شيء سواه، على العزلة التي تمتد وتمتد، وعلى الفكرة التي لا يرغب في مواجهتها… لم يكن يعلم أن جسد الصخرة يتداعى أمامه، كان غائباً في غضبه، متحداً مع مطرقته في هدم كل الجدران التي واجهته، وهو الوحيد، الغائب، السجين، الموجوع، الجائع، العطش… تداعت الصخرة أمامه، وانفتح الخاتم على النفق الطويل، فانطلق الماء بقوة وجرف معه كل شيء.
"يقفُ البشر عاجزين عن إدراك خفايا هذا الكون. ما نؤمن بصحَّته اليوم، قد لا يكون كذلك غدًا. إنَّ الخيال قد يصبح واقعًا، والواقع ربَّما لم يكن واقعًا أبدًا. هذه القصة من نسْج الخيال والذي لا عجب أن يكون حقيقةً في يوم من الأيّام".
تأتى مساءلة قصيدة النّثر العُمانية من منطلق رؤية التّداخل بين الشّعرى والسّردي فيها، وهو في حقيقة الأمر مساءلة نقدية لحضور الشّعرية بوجه عام، شعرية تتماهى فيها القصيدة العُمانية مع حركية القصيدة العربية وتطورها مشحونة برؤى الحياة، وخلخلة القيم المتوارثة مع نسيج السّياق الثّقافي العربي؛ هكذا تتناسل القصيدة العُمانية، وتتجدد مع عاصفة تغير بُنى القصيدة، واختراق بنائها بشكل عام، وإعادة بناء قوامها بحلية جديدة تحكمها علاقة داخلية تمثّلت بالذّات المتشظية مع نفسها، وأخرى خارجيةً بتفاعلها مع المحيط حولها بما هو معرفي وثقافي وإنساني ووجودي؛ وبهذا استطاعت القصيدة العُمانية على غرار القصيدة العربية تحطيم الثّوابت، وإعادة بناء خصائصها الفنية، وإنتاج ثيماتها الموضوعاتية التي تتسق مع الحياة الجديدة بما فيها من كينونةٍ شعريةٍ; ومرتكزات نقدية.
”بدرية الشحي هي أول إمرأة عمانية تكتب الرواية بمفهومها الفني والحرفي بل يمكننا القول أن رواية( الطواف حيث الجمر) هي العمل الروائي العماني الأول بالمفهوم الأدبي الإحترافي.” فاطمة الزهراء حسن شبكة أخبار المستقبل، 2013 “الرواية برمتها تطرح سؤالاً يتعلق بطبيعة الوجود العُماني في شرق أفريقيا: هل كان فتحاً أم غزواً؟ وهو سؤال له مغزاه، ويجيب عنه المكان ( أرض أفريقيا) بما يقع عليه من أحداث تنطوى على دلالات.” آسيه البوعلي المدونة،2011 ” الطواف حيث الجمر هي أول رواية لكاتبة عمانية. هي قصة كفاح امرأة للوصول إلى حبيبها الذي هاجر من عُمان إلى زنجبار، وبلغها أنه تزوج من إفريقية، وبدافع من الغيرة والتحدي للغريمة تكسر البطلة الأعراف العربية التقليدية وتسافر إلى تلك البلاد الغريبة بحثا عن حبيبها.” محمد ولد محمد سالم جريدة الخليج، يونيو2010 ” الرواية تزخر بتصوير الأماكن ووصفها وصفا دقيقا يجعل القارئ يشعر بأنه لا يقرأ مجرد كلمات وإنما يعايش مقيتة أحداث مقترعة بأماكن حدثت فيها.” شريفة اليحيائي مجلة نزوى، 2000
كم أود تحرير نفسي من قبضة الارقام العقيمة وعبوديتها. لقد اتعبتني ولازمت حياتي سنين طويلة كنت احس خلالها كأن الارقام تعدو خلفي ولا استطيع منها فراراً واذا حاولت الاختباء تجدني اينما كنت.