مؤتمر "مستقبل الفكر في منطقة الخليج العربي" هو الحلقة الثانية ضمن سلسلة مؤتمر الفكر الدولي الذي تتبناه الجمعية العمانية للكتاب والأدباء، وقد جاء متزامنا مع أحداث جسام تمر بها المنطقة، لاسيما دول الخليج، وإذا كان المؤتمر الأول "التطرف الفكري ومدى تأثيره على المجتمع العربي" جاء في فورة صعود الإرهاب، وفي أوج تمكنه، حيث كان تنظيم "داعش" يسيطر على مناطق شاسعة من العراق وسوريا، إلا أننا قد تفاءلنا حينها بأن هذا الصعود هو ذروة ما وصل إليه العنف والإرهاب في المنطقة، وأن خطه البياني آخذ في الانحدار، وهو ما حصل فعلا، ونحن بنفس تلك الروح على أمل بأن حالة التشرذم والصراع التي تعيشها المنطقة هي في طريقها إلى الأفول، فقد بدأت أنظمة العهد القديم في التراجع لتحل محلها أنظمة جديدة، وهذا التحول هو ما يربك الوضع الراهن، وقد دفع به إلى الصراع.
الفضول يسكن خالد لمعرفة ما حدث. إلا أن فضوله لمعرفة تفاصيل الجسد الواقف أمامه كان أكبر. تأمل الصالة مرة أخرى. نظر إلى البعض وهو يرقص بهستيرية غريبة. تناقضات يعج بها المكان. أيقن خالد أن الكازينو هو مجرد مجتمع مصغر لمجتمع كبير. تنوع بشري مذهل. حراك محسوس حتى على مستوى الثورة. في الخارج ثورة على النظام. في الداخل ثورة على النفس. الفرق بينهما هو أن في الداخل تتداخل الخطوط الحمراء مع الخطوط الخضراء، بينما في الخارج هناك هناك خطوط حمراء تفرض نفسها بالدرجة التي لا يمكن المرء تعديها إطلاقا. ما زال خالد في لحظات دهشة. عالم آخر يعيشه هنا. رغبة داخلية للتغيير. فضول كبير للتجربة. ما زالت عياناه تجولان في المكان بحثا عن عمر.
أساطير السحر في بلدتي تأخذ بعداً آخر غير البعد الذي ثار في ذهن ثريّا، قد يكون بعيداً أيضاً عن منطلقات العلم الحديث . حكايات من انتقلوا إلى عالم السحرة أو ما يطلق عليهم في البلدة «بالمغاصيب» أو «المغايبة» كانت متوارثة ومتجددة في البلدة وفي البلدات المجاورة. تلك الأسماء التي اتفق عليها الجمع من البشر الأحياء أتت من الغصب والغياب، وهي مصطلحات منطقية لأناس رحلوا عن الدنيا ظاهرياً وبقوا في العقل الباطن. إنه تاريخ من الخرافة المتأصلة إلى حد كبير في مجتمع البلدة، أو واقع نجهل كينونته حتى الآن.
ترتكز الدراسة الصادرة عن دار عرب على التحليل السيميائي للخطاب السردي في رسالة الحيوانات، وهي الحكاية الخرافية الواردة في الرسالة الثامنة: من الجسمانيات الطبيعيات (وهي الرسالة الثانية والعشرون من رسائل إخوان الصفاء وخلان الوفاء)، حيث عَدَلَ إخوان الصفاء عن الأسلوب العلمي الذي اعتادوه في سائر رسائلهم إلى الأسلوب القصصي في تمرير أفكارهم الفلسفية ورؤاهم ومعتقداهم الفكرية من خلال قصة فنتازية فلسفية تدور حول شكوى تقدمت بها الحيوانات ضد بني آدم وظلمهم لها وتعدّيهم عليها أمام ملك الجان بيوراسب الحكيم ملك جزيرة صاعون.
في هذه قصص القصيرة جدا، للقاصة العمانية عزيزة الطائي، يتداخل البوح السردي بالبوح الشعري، مثلما تتداخل حبات البَرَد بقطرات المطر في يوم نصف مشمس. وهي قصص أقرب إلى اللقطات السينمائية، يحمل جلّها عناوين مكونة من مفردة واحدة (كبرياء، عهد، فخ، محبة، غياب، مأتم... إلخ) تضيء عتماتٍ وزوايا قلّما ننتبه لها في حياتنا اليومية، عبر تكثيف يطلق شرره كالشهب، مكتنزاً بدلالات وتلميحات شتى، وتتحقق فيها الدهشة والومضة الشعرية.