لم أشأ أن تكون مجموعتي كتاب رثاء بالمعنى الضيق للكلمة، بقدر حرصي أن تكون سرداً لعلاقة مودة ورحمة مع رفيقة قاسمتني حوالي عشرين سنة بحلوها ومرّها، من جانب، ومن جانب آخر تكون ساحة لتأمل الحياة من خلال ثيمة الموت، وأسئلته الكبرى التي عجز المفكرون والفلاسفة وسائر البشر عن وضع إجابات لها، فظلت مفتوحة. ولم أتوقّف عند تلك النصوص، فخلال مراجعاتي، وتأملاتي، وجدت نفسي أعود منساقا إلى أوراق قديمة وجدت فيها بذور إحساسي بفقدانها، رغم إنّ حياتنا لم يكن ينغّصها شيء، لذا استدعيت تلك النصوص من مخابئها في تلك الأوراق التي نشر بعضها، وأضفت إليها نصوص ما بعد الفقد، لأخرج بهذه المجموعة وفاء للراحلة، واستمراراً افتراضياً، لمسيرة حياتنا المسكونة بالكثير من الذكريات الجميلة التي عشناها سوية، فأضحت وقودا يدفعني إلى عوالم متجددة في الكتابة، والحياة، والنظر للمستقبل.
نحاول في هذا البحث أن نلمس نظرة المذهب الإباضي إلى الـقـرآن الـكـريم على مستوى التفسير والفهم، وسبيلنا الذي نسلكه في ذلك هو الاسـتـقـراء المـوضـوعي، المترادف مع التأمل والتحليل في ما وصلت إليه أيدينا من الكتب والأبحاث الـتـي صدرت عن علماء المذهب.. والله من وراء القصد وهو المستعان. أول ما يـسـتـوقـفـنـا فـي حـركـتـنـا العلمية هذه هو قلة الكتب المتداولة في التفسير لدى المذهب الإباضي، فهي لا تزيد على سبعة أو ثمانية، على أن بعضها ليس كاملا. و قد سألت الأخ الـدكـتـور بـدر بن هلال اليحمدي عن ذلك فأجابني أن السبب هو ما عرفت به الإباضية من التورع والاحتياط في دين الله خـشـيـة الـوقـوع في ما حرم الله مـن الـقـول في كتابه بغير علم. و مع ذلك فإن ما في أيدينا من التفاسير و الكتب يعيننا و إن كان لا يغنينا في التعرف على رأي علماء المذهب الإباضي حول المسائل الـقـرآنـيـة واستخلاص مباني التفسير المعتمدة لدى المذهب الإباضي.
كتاب يربط الجيل بكتاب الله عز وجل. ويعين على عبادة التفكر في مخلوقات الله تعالى. وما يميز الكتاب أنه يربط الأمثلة الواردة بالآيات القرآنية ربطًا يقرب إلى الأذهان عظمة القرآن وإعجازه كواقع حياة. ولم يُهمل الكتاب تدعيم أمثلته بالصور، ليسهل وصول المعلومة لدى المتلقي. فهو يصلح للمربين والآباء والأمهات والأبناء وإلى كل من يرغب في تنشئة جيل يتمعن في عظمة الله من خلال آياته المقروءة والمنظورة.
ومما دفعني إلى تلخيص هذا الكتاب بالذات هو كثرة اختلاط الأفكار المخالفة للفكر الإباضي خاصة في ظل العولمة والانفتاح العالمي وتداخل الأفكار بعضها ببعض وضربات الإعلام المأجور وخطورة ذلك على أفكار الناشئة في مجتمعنا ودرء لهذا وتحت رغبة القارئ المتعطش لمعرفة الفكر الإباضي الصحيح أضع هذا الملخص كل باحث عن الحق وكل من يريد معرفة حقيقة وصفاء هذا الفكر.
كنت هارباً فتلقّفني التاريخ، أخذني بعيداً إلى هؤلاء المشرقين بلون الحياة الجميلة عشت معهم، رحلت إلى حيواتهم فكتبتها كما تخيلتها وعشتها، عشت معهم وعاشوا معي شهورا من الدفء والحنين شهوراً من الحضور والوعي والتجلّي، شهوراً هي الحلم الجميل والخيال المشرعة أبوابه لأفق الجمال وها أنا أشاركك التجربة أشاركك المتعة والفائدة تجربة مثيرة، لأنها ترسم ملامح عهد بعيد مشرق لأنها تلقي الضوء على شخصيات يكاد يلتهمها التاريخ لأنها تصوّر واقع البلد ثقافيا ودينيا واجتماعيا.
في هذا الكتاب غصت حتى وصلت إلى قاع المجتمع وسبرت أغوار أطيافه المختلفة غنيهم وفقيرهم مريضهم وعليلهم عالمهم وجاهلهم، فتلمست الفرح داخل كل فرد من هؤلاء ورأيت من اكتمل فرحه ومن اكتمل حزنه ومن هو بين هذا وذاك وعلمت أن أسوأ هؤلاء حظا هو من لم يكتمل فرحه بعد.طفولة تبحث عن فرح لم يكتمل، ومريض يبحث عن أمل عند طبيبه ليبقيه قريبا من الفرح، ومعاق يأمل في تخطي صعوبات الحياة وتحدياتها ليرسم درب للأمل وللفرح، ووباء جاء الى الأرض لينسيها الفرح وينشر بدلا منه الحزن لكن عزيمة أهلها بدلت الحزن الى فرح وان لم يكتمل بعد، وأسماء شعرنا بحزن عليها غادرت دنيانا بعد أن كانت تنشر الفرح بيننا.