كانت رحلاتي بكل ما تحمله الكلمة من معنى مؤثرة باتجاه البلدان الفقيرة وهي التي خلفت أثرا إيجابيا في نفسي، لذلك فأني مدين لكرم أهالي العائلات التي استضافتني وتعاملهم معي محتفظا بكل الذكريات الجميلة معهم. لقد أيقنت أخيرا بأني وقعت في حب الشعوب الفقيرة، ولا أمانع أن أكملت بقية حياتي معهم، فهم يعيشون سعداء حياة ملؤوها حب وتفاني وأكتفاء.
الكتابة فعل الموسوسين، أولئك الباقون خلف الريح، تدفع بهم نحو.. العقل؟؟ اقتربت من الحرف الأخير، أتساءل: من أين نبدأ؟ وبين (الألف والياء).. ستة وعشرون سببا.. للموت..
"هذه رواية مجنونة.. مُقلقة.." تستخدم رواية "الصوت" البناء الموسيقي في تشكيل حركاتها، سيمفونية تتصاعد تدريجيا بتصاعد الأحداث وحدّة الصوت الموسيقي القادم من المجهول. ذلك الصوت الغريب الذي ينتشل البشر الموعودين بالسعادة على ما يبدو للوصول الى الحلم أو الوهم. ذلك الصوت قادر على أن ينتشل القارئ معه الى حدوده الغرائبية، ليعيش معه ومع تفاصيل رحلة صعبة الى العمق، عمق النفس. ثمة من يبقى هناك وثمة من يبرح المكان. لكن المؤكد أن هزة عنيفة ستخلفها نهاية الرواية لدى القارئ، وأسئلة من الصعب الإجابة عنها بصراحة. تضيء الرواية لهاث النفوس المحطمة للوصول الى تحقيق تلك الأمنية التي تعيش في داخل كل منا، لكنها تكشف كذلك تشظيها بين أن تتمنى وأن تعيش الأمنية. ذلك التشظي التي تزداد حدته مع ازدياد المعرفة. رواية تمزج بين الشعر والنثر، الموسيقى الناعمة مع الصخب، الفرح مع القلق، السعادة مع الألم، الوصول مع التيه.
"لقد كانت الخطوط الحمر واضحة قبل أن تتداخل الآن. هل يمكن أن يكون خوفي هو خوفكم؟ الخوف الذي تشعرون به في هذا البلد. لو كنت في مكاني، عزيزي المستمع، الآن مواجهة الميكروفون، ستشعر، ما أعنيه تماما من الخوف الأزلي ورهبة الكلمة". من قصة "النبأ الأخير"
"إن أعجبتك عباراتي في هذا الكتاب، فستظل تأملات أو نقولات كما أخبرتك سابقا هي لا تشبه أحدًا، فلا تستمع لعقلك وتقارنها بأقوال العظماء وأشعار المتنبي والخنساء. وتذكر أنها قصص القصيرة لك يا صديق سفري ورفيق دربي، كي أخرجك من اكتفاء نفسك من نفسك، وألم مشاهدك في واقعك، ولأسمع منك تعليقك وإن كنت المتحدث بالنيابة عنك. ستوافقني في أمور وستحرّك رأسك موافقا عليها، وقد تخالفني وتنطلق لسانك محتا ومتعرضا عليها، فتذكر أنني يوما ما سأسمعك وسألقاك وأنت قد حفظت عباراتك التي ستحلق بنفسها داخل فضاء كتاب مثل هذا." هشام الغنيمي