بالرغم من أن الساعة التي أقضيها مبحرا إليها دائمًا ما تبدو أطول من المعتاد، إلا أنني وبعد إعلان القبطان السماح بالنزول من العبارة، لا أستعجل ذلك أبدا، بل أفعله بكل روية وهدوء وتركيز، وأحب أن أفعله بطريقة تسمح لي لاحقا بتذكر أدق تفاصيلها، عدد الدرجات نزولا، الشقوق أعلى الباب المفضي إلى بطن العبّارة، اللوحات الإرشادية، ومع أول نسمة من هواء الجزيرة ترتحل روحي إلى عوالم أخرى. في اللحظة التي وطئت فيها قدماي أرض الجزيرة، نظرت باتجاه البحر وتذكرت قول الشاعر البحريني قاسم حداد: «لسنا جزيرة... إلا لمن ينظر إلينا من البحر».
هذا الكتاب واحد من بين قلائل المؤلفات التاريخية العمانية التي امتزج فيها التأريخ للمدينة والقبيلة والأعلام، مع حضور للتاريخ العماني عامة، ليشكل في مجموعه مادة ثرية رغم قصرها. وتظهر أهميته في عنايته بالبعد الاجتماعي الذي أهمله – في الغالب – المؤرخون المسلمون إلا ما ندر. ينشر لأول مرة محققا من نسختين مخطوطتين مع تصحيحات مؤلفه، ودراسة وافية، وكشافات تفصيلية.
مجموع شعري، يجلي جانبا مهما مغمورا من تراث أبي نبهان جاعد بن خميس الخروصي (ت:1237هـ)، خاصة في السلوكيات والتصوف. ينشر لأول مرة مشروح الكلمات والمفردات، مصدرا بقراءة أدبية وافية، محققا من أصول خطية متعددة، أهمها مخطوطات ابنه خميس؛ الذي جمع شعر والده مرتين: الأولى سنة 1242هـ، والثانية سنة 1257هـ.
في الحقبة المعاصرة خلال نصف قرن مضى ظهرت كتابات ينتمي أصحابها إلى المدرسة الكلاسيكية تعالج تاريخ بعض البلدان العمانية، ونمثل لها ببعض ما نشر حتى الآن، نحو الرسالة التي كتبها العلامة محمد بن شامس البطاشي (ت:١٤٢٠هـ/٢٠٠٠م) عن مدينة (قريات)، و(القصيدة التاريخية السناوية وشرحها) للقاضي حمود بن عبدالله بن حامد الراشدي، و (ولاية الحمراء بلدان وقبائل) للشيخ محسن بن زهران بن محمد العبري (ت:١٤٣٣هـ/٢٠١٢م). وبالمثل هذه الرسالة المسماة (نشر الورى في خبر إبرا) في تاريخ مدينة إبرا الحاضرة العريقة بشرقية عمان، للشيخ علي بن سالم بن سلطان المسكري (ت:1403هـ/ ١٩٨۳م)، وقد فرغ من تحريرها في شهر شعبان سنة ١٤٠٢هـ/ يونيو ١٩٨٢م، ثم اعتمد عليها جملة ممن كتبوا عن إبرا وأعلامها وجغرافيتها وتأريخها العام، سواء أولئك الذين حرروا مقالات نشرت في بعض الصحف والمجلات، أو بعض من حرروا أوراقا علمية أو أنجزوا دراسات تاريخية حديثة. وللرسالة قيمة تاريخية متمثلة في تفردها ببعض التواريخ وذكر بعض الأعلام، وفي اعتماد المؤلف في شق من مصادره على مرويات معاصريه، وعلى مصادر مكتوبة أشار إليها في مواضع من رسالته لكنها بقيت طي الغياب حتى يوم الناس هذا. وفي خزانة المؤلف جملة من المخطوطات والوثائق، وعلى أحدها تقييدات تاريخية بخطه، وهي من الأهمية والاتساق مع موضوع الرسالة بمكان، لذا جاء نشرها ملحقة بالرسالة إتماما للفائدة وتحقيقا لرغبة المؤلف حين ذيل أحد تقييداته بقوله: «هذا ذكرلمن بعدي».
فاطمة البرواني المعروفة باسم ”فاطمة جينجا” شخصية ليست من الشخصيات التي يمكن أن تمر مرور الكرام على مَنْ يقابلها، إذ لها الكثير من المحطات التي تستدعي القراءة والتأمل والتحليل والتفكير، فهي المخضرمة التي عايشت تفاصيل وأحداث مرحلتين في زنجبار: مرحلة ما قبل انقلاب 1964م وما بعدها، وهي الأديبة، وربيبة القصر، وابنة شهيد، والزوجة (سابقًا) لقائد جيش الانقلاب!! ولعدة رجال بهويات مختلفة، وهي أم لقرينة رئيس زنجبار السابق، وكذا لواحد من وزرائها، ورغم تعدد اهتماماتها فهي أيضًا المرأة النمطية التي أنجبت عشرة من الأولاد والبنات!!… فلثراء ولتناقض مفردات رحلة حياتها ولتقاطعها مع مفردات التاريخ والحياة السياسية في زنجبار… أصبحت مثارًا للجدل ولكافة علامات الاستفهام. د. آسية البوعلي