الكتابة فعل الموسوسين، أولئك الباقون خلف الريح، تدفع بهم نحو.. العقل؟؟ اقتربت من الحرف الأخير، أتساءل: من أين نبدأ؟ وبين (الألف والياء).. ستة وعشرون سببا.. للموت..
تبرّعي بخصلات شعرك الطويل.. لأطفال السرطان.. بتأوهاتك للخيول والبراري.. بدموعك لأنهار العالم الميتة.. بصلواتك الكثيرة لأرباب المكفور بهم.. بصمتك للصحاري المغزوّة بالإسمنت.. بعباءاتك لليل المغتصب بالأضواء.. بظلالك للأشجار المقطوعة.. بيديك لكل الشحاذين في بلدنا.. تعري من كل ما هو لك.. واجلسي قربي قليلا.. لا ييأس الوقت منك ولا الزمن.. فأنت، إذ تتناوشنا الأيدي نحو مثوانا الأخير، موئل قلوبنا ومثاب قصائرنا ومنتهی مقاصدنا في مرورنا النيزكي السريع كشعراء منكودین
بدأت العصافير المرتعشة تتابع يدي الأسد ذواتي المخالب والعروق النافرة، يدان تتحركان وتمسكان المعدن الذهبي للحزام الأسود. تفتحان المعدن الذي حرر الحزام من وسطه وتحول إلى أفعى، لف رأسها حول كف يده اليمنى. العيون الصغيرة ذبلت وقلوبها تحاول الطيران إلى بيوتها. مشى ببطء إلى آخر القفص، وبشكل مباغت وجّه ضربة قاسية إلى العصفور الذي كسر خوفه بالضحك. صرخ بحرقة، أما بقية العصافير فبلعت صراخها وطارت قلوبها أمامها. بعد ذلك سحبه من دشداشته ورمى به خارج الباب. تكور مثل حشرة مهروسة لا تستطيع حتى أن تئن. بعدها لمحه الجميع يمشي مطأطىء الرأس والجدران تتقاذف بكاءه. ازادد خوفهم مع كل دقيقة تزيد في أعمارهم. انتهت لعبة المرح وازداد خوفهم. ازداد وما زال يزداد حتى هذا اليوم.
يشتمل هذا الكتاب على مجموعة من الدراسات المتنوعة التي تعرض للأدب العماني السردي المعاصر بنحو تطبيقي تحليلي، يهدف إلى مقاربة تجليات من نصوص هذا الأدب، في مجالي القصة القصيرة والرواية خاصة.
لأن السيميائية هي دراسة العلامات بأشكالها المتعددة، فإنها تعني في الأساس بالثقافة الإنسانية بما تمثله من أنظمة تشتغل بوصفها علامات ذوات معان ودلالات قابلة للتأويل، وعليه فإنها تعنى بالشفاهية المرتبطة في الأصل بتلك الثقافة على الرغم من كونها عرضة للتغييرات البيولوجية أو الفيزيائية؛ ذلك لأن الشفاهية محدودة قدراتها بقدرة الإنسان النطقية والسمعية، إلا أن "كل لغة بشرية تختص بثقافة تاريخية معينة". وبناء عليه فإن هذا الكتاب سيعنى بدراسة نماذج من نصوص الأدب الشفاهي في عمان، انطلاقاً من قدرة تلك النصوص على البقاء، وهو ما يأخذ شكلا شفاهيا كالحكاية أو الفن أو السلوك المعتقدي القائم على التواصل والفعل المنطلق والمتأسس من التخيل القصصي.
لم يبق بصحراء، الليل الموحش منك، سواي.. لم يبق بها، بعد ذبول ضيائك إلاي، لم يبق سوى.. نفسي الأمارة بك.. ودموع الظلمة، في كأس أساي، لم يبق سوى همس، ظل بذاكرة الأمس، وأشلاء بقاياي