كانت روايات الأشراط المستقبلية للساعة ولا تزال تشكل معالم الرؤية المستقبلية للجم الغفير من المسلمين؛ برغم تكشف الأوضاع بخلافها كلما تقدم الزمن، مما يضع علامات استفهام كبيرة وشكوك حول صحة هذه الروايات، وربط هذه الروايات بالدين يضع الدين ذاته في موضع الشك وهنا بالفعل ما حصل لقطاعات من العلمانيين في الغرب وفي العالم الإسلامي.
يا من تدفعك أيدي الدوافع، وتهمس في أذنك أفواه البواعث؛ قبل أن تلحد: هل قهرك استبداد السياسيين الفاسدين؟! هل قسى عليك متحدث من المتحدثين في شأن من شؤون الدين؟! هل بعثر ذاتك ظلم الأسرة وجور الأقربين؟! هل حز نياط قلبك تعسف المجتمع ونزق المغرورين المتكبرين؟! هل وقف حجر عثرة في طريق رغابك البريئة، وأشواقك الطاهرة، وتطلعاتك السامية بعض الأهوائيين المتعصبين المتحجرين؟! هون عليك؛فنحن معك، نتفهم ظلامتك، نشاطرك بث فؤادك، نشاركك لواعج روحك، نتألم لأنين أحاسيسك، ولكن عليك أن تتذكر: أن لا صلة ولا قربى بين الله وهؤلاء وإن نادموا الآيات والأذكار وجعلوا لباس الأنبياء لهم الشعار، فما عليك إلا أن تكفر بهؤلاء وتؤمن بالله الكبير المتعال.
للحكاية فصول... يبدو أن العالم بأجمعه يعيش وهج الحكايات التي تحملها أطياف الذاكرة الجمعية، لذلك فالحكاية "إرث إنساني" لا يمكن الانسلاخ منه، وهو انعكاس لثقافة المجتمع، و وصلة حضارية لا يمكن الفكاك منها. فيما يأتي التراث ليكون الوعاء الحاوي لتلك الحكايات وقريناتها كالأسطورة والخرافة، ضمن نسق غرائبي يمتزج بالفنون والدراما عبر علاقة أبدية لا يمكن تجاهلها. وتحفل سلطنة عمان بكنوز تراثية ثمينة، تعتبر معينا متدفقا مد الكتاب بحاجتهم للاستمرار والتواصل، وما يزال بعضها أرضا بکرا، لم يتأثر بالآخرين.
لكنه سرعان ما تراجع عن فكرته تلك حال تذكره بأن من أغرق ساعد ليس عدا تلك الجرافة الواقفة في بحرهم، في مياه غبة حشيش الضحلة لا في أية مياه أخرى. وهي، وليس غيرها، من يجب أن يطاله القصاص. فيما الذي ستستفيد منه الخلوف وأهلها لو هو أحرق تلك الجاثمة على صدر اللبيتم؟ الجرافة التي جاءتهم بالشوم ستبقى عالقة على خاصرتهم. ثم كيف ستعرف العربان أن الخلوف انتقمت وغسلت عارها بذلك؟!! الأولى والأكرم له أمام أهله وأهل الصحراء أن يحرق من قتل أخاه حتى يصل الأمر للجميع. بعدها وبعد أن يشعل الشرارة الأولى، ستتوالى عليه أخبار احتراق بقية الجرافات في بحر العرب، بعد أن يكون قد ألهب بفعلته تلك الهمم والعزائم في نفوس البدوان.
"هذه رواية مجنونة.. مُقلقة.." تستخدم رواية "الصوت" البناء الموسيقي في تشكيل حركاتها، سيمفونية تتصاعد تدريجيا بتصاعد الأحداث وحدّة الصوت الموسيقي القادم من المجهول. ذلك الصوت الغريب الذي ينتشل البشر الموعودين بالسعادة على ما يبدو للوصول الى الحلم أو الوهم. ذلك الصوت قادر على أن ينتشل القارئ معه الى حدوده الغرائبية، ليعيش معه ومع تفاصيل رحلة صعبة الى العمق، عمق النفس. ثمة من يبقى هناك وثمة من يبرح المكان. لكن المؤكد أن هزة عنيفة ستخلفها نهاية الرواية لدى القارئ، وأسئلة من الصعب الإجابة عنها بصراحة. تضيء الرواية لهاث النفوس المحطمة للوصول الى تحقيق تلك الأمنية التي تعيش في داخل كل منا، لكنها تكشف كذلك تشظيها بين أن تتمنى وأن تعيش الأمنية. ذلك التشظي التي تزداد حدته مع ازدياد المعرفة. رواية تمزج بين الشعر والنثر، الموسيقى الناعمة مع الصخب، الفرح مع القلق، السعادة مع الألم، الوصول مع التيه.