"متلك طلال الصلتي صوتا شعريا واضحا وأصيلا شاعر يبدأ من القمة ليرتقي عبر معراج القصيدة إلى سماواتها اللانهائية، يبتكر الدهشة ويلامس شغاف القلب برهافة متناهية، إنه شاعر مخلص للشعر ويشتغل على نصه - کما تجربته - بهدوء عمیق، غیر مستعجل الظهور أو متعجل البروز والشهرة. قصيدته مزيج من الفوضى والشك والتمرد والتصوف واليقين والعشق والانعتاق والسؤال القلق والحيرة المضنية، التي يغمسها جميعا في مياه اللغة العذبة، في صوغ منها معزوفات إبداعية ذات إيقاع ينفذعميقا إلى الروح، إنني أستطيع القول بأن طلال الصلتي من الأصوات الشعرية الشابة التي نراهن عليها في تشكيل المشهد الشعري العماني مستقبلا، لتبقى سماء القصيدة العمانية مشعة بنجومها متلألئة بأقمارها الوهاجة على الدوام". حسن المطروشي شاعر ومترجم عماني
هنا نحتاج إلى المعنى الرمزي للمكنسة، لنسقطه على واقعنا الإنساني الـ"معقد" لذلك نحتاج إلى مكانس كثيرة، لنكنس بها العوالق المترسبة في أعماقنا، تحتاج إلى مكان بألوان سوداء الممكن الحسد والحقد والغيرة ونحتاج إلى مكان بألوان زاهية؛ لكن بها النفاق وسوء الأخلاق، والابتدال المعروض على الأرصفة، ونكنس الوجوه الملونة، والنفوس المتصيدة في الماء العكر، وتحتاج إلى مكان مصنوعة من الحديد الصلب لكس العوالق الصدئة التي ران على قلوب أصحابها الدرن والقسوة. أنواع كثيرة نحتاجها من الـ"مكانس"، فالمشكلة جد صعبة، وجد معقدة، فهي متعددة الأشكال والوجوه: كما هي المكان التي نراها في محلات البيع.
لقد كان ذلك حُلماً. وكانت حشود الشعراء تجاهد في الوصول للسماء الوحشية، للأعالي التي تخفق فيها راية السخرية والخلاص المرتبك. لم يكن هناك خلاص قطعاً، بل مصهر حارق تتشكل فيه الأبدان، برزخ غريب تتنزه فيه الصورة، كما لو أنه لا بدّ من حضور طويل العنق، لا بدّ من مسافات خارقة صوب الأعلى، صوب الشمس، ليتحقق ارتطام إيكاروس، ليحتفي الكون كلّه – كعادته - بالمأساة النهمة الصيفية. لم يكن سُلماً أسمنتياً أو حديدياً، أو خشبياً، بل سُلماً مجدولاً من الحبال، الخام الأول للكون، مشدوداً إلى بعضه بإحكام، ولكنك تحسب لأول وهلة أنه منتزع من شجرة الضياع لا من ألياف نخلة، وأنه لم يُخلق كيما يكون درَجاً أو مصعداً، بل تهكّماً من الأقدام، أو تحدياً لها. سلّم يبتغي أن تطأ متنه ومتانته الهشة بالمجالدة، بخفة السفر، بوفرة الإحساس بالرعب، بالضلوع التي تحوم حولها النسور والغربان، بالرؤوس التي سُلِّطتْ على مشاريعها وأحلامها البروقُ المخاتلة..
"تتميَّزُ الإنجليزية عن غيرها من اللغات بأنها لغة العالم الأولى اليوم، فهي اللغة الأم لبريطانيا وأمريكا وأستراليا ونيوزيلندا وكندا، واللغة الرسمية الثانية لدول إفريقية مثل نيجيريا وزامبيا، ولدول آسيوية مثل الهند وسنغافورة؛ وإن لم تكن هذه أو تلك أوليت عناية خاصة كلغة أجنبية في التعليم والإعلام والعلاقات الدولية، كما هو الحال في عالمنا العربي. ولما كانت المكتبة العربية تفتقر إلى مجموعة مختارات من آداب هذه الدوائر الثلاث، فإنَّ سلسلة "ترحال عبر قصص مترجمة" تأتي لتسد شيئًا من هذه الثغرة، فهي تقدِّم قصصًا قصيرةً من آسيا وإفريقيا وأوروبّا وأمريكا والبحر الكاريبي ومنطقة أوقيانوسيا؛ تتوزّع القصص المترجمة على كتابين، يتضمَّن الأوَّل عوالم أحاديَّة اللغة (إلى ما قبل بابل)، والثاني تتحرّك شخصياته في إطار متعدِّد اللغات (إلى ما بعد بابل) هذا التوزيع يعدُّ إجرائيًّا في نهاية المطاف؛ فالمترجم خالد البلوشي ينطلق من أنّ الإنسان، سواء أكان أحاديّ اللغة أم متعدّد اللغات، يبقى غريبًا منفيًّا أينما كان وكيفما كان؛ مأتى غربتنا إنسانيّتنا، فنحن، بحسب ما يرى، نفوس لا تتّسق على منوال ولا تطّرد على حال، بيدَ أنّنا لا سبيل لنا إلا الاجتماع إلّا إذا تناسق معنانا مع غيرنا، وإذا كان هذا كانت الأسماء والمواقع والأدوار، ومن ثم كان المسعى إلى تكييف نفوسنا بحسب المجمَع عليه، هذه المفارقة البشريّة تنطوي على آثار نفسيّة وأخلاقيّة تكشفها القصص المترجمة فنًّا ويسعى المترجم الكاتب إلى إظهارها نقاشًا في كتاب نقديّ ثالث من السلسلة (تقويض بابل)"