"لقد حان الوقت للالتفات إلى ذلك الجانب الأرضي المُقصى من التفكير، والمطرود من خانة الاهتمامات الجمعية بوصفه ينتمي لكل ما هو يومي وعابر وزائل ولزج، وأن يُترك قليلًا وكثيرًا أيضًا هذا التعلق بالماورائيات، والتمسك بالقضايا النظرية الكبرى والكلية، التي في الكثير من الأحيان ولدت صراعات لا يمكن للكثير من الأطراف حسمها أو تفنيدها تفنيدًا واضحًا ومعقولًا. لذلك يأتي التركيز هنا على الاقتصاد، ليس بالمعنى المحاسباتي التقليدي، بل المعنى الفلسفي الواسع للكلمة، من حيث إن الاقتصاد لا يقتصر على الجانب الفردي الضيق (منزل، فرد، محل تجاري)، بل يمتد لتلك العلاقات الواسعة بين الأشخاص والأيديولوجيات الأخرى. كما يمتد أيضًا لتلك العلاقات المعقدة بين الدول والشعوب في الكثير من الأحيان، وطريقة تشكيل الكثير من الرؤى الوجودية بناءً على هذا الجانب. إن الاهتمام بهذا الجانب يعني فهم الكثير من الأمور والقضايا (الانتصارات والهزائم، النكوص والتقدم) من جانب آخر ومن زوايا مختلفة، وربط الكثير مما يحدث حولنا بالأرض، بالإنسان، وبالاستراتيجيات التي لا تظهر للجميع، وبتلك التحالفات الخفية التي سيتم التفكير فيها لاحقًا. يضعنا هذا الجانب أمام الكثير من المفاهيم، واعتبارها تنتمي لهذا الجانب الأرضي من التفكير، وليست مرتبطة بالمواقف الميتافيزيقية التي تتسم في الكثير من الأحيان بالضبابية وعدم الوضوح، وبعدم إمكانية التحقق والتفنيد."
"وهذا الكتاب يشتمل على التذكير بالموت والمعاد، وسکني القبور والخروج منها ليوم النشور، جمعت فيه من آيات القرآن الكريم، والأحاديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المرويات، والآثار عن السلف الثقات، مُستخرج من كتب الأئمة، مثل: كتاب العاقبة للإمام أبي محمد عبد الحق الإشبيلي، كتاب التذكرة للإمام أبي عبدالله القرطبي ومن غيرهما أيضا، ثم زدت فيه بمواعظ حسنات، جمعت فيه من الحديث والمواعظ؛ ليكون أبلغ في تنبيه الغافل وتنشيط المتثاقل، جعله الله لوجهه خالصًا إنه جواد كريم . ."
بعد استقرار السيد سعيد بن سلطان في زنجبار، أصبحت تلك الجزيرة المنسية درة الإمبراطورية العمانية (آنذاك)، وعاصمة دبلوماسية مهمة في الشرق الإفريقي، وأقامت الدول الكبرى علاقات سياسية واقتصادية وثقافية مع زنجبار، فغدت مرکز تجارية عالميا بمقاييس تلك الفترة، ما لبثت أن أصبحت قبلة لزعماء الإصلاح في العالم الإسلامي، يتفاعلون سلاطينها في قضايا الأمة الإسلامية والأمور الثقافية وغيرها من القضايا المعاصرة.
هذه الدراسة لم تكتف بسبر أغوار إنتاج الحقل المعرفي الإباضي بمختلف مدارسه، بل حاولت البناء والتأصيل والتقعيد على أفضل وأجود ما وجد فيها، فدورنا لا يقتصر على مجرد العرض للمادة الخام، بل حاولنا البناء والتقعيد، فمع اعتزازنا بتراثنا الفقهي لا يمنعنا ذلك من غربلته وتطويره وتجديده، فبالإمكان أحسن مما كان، والأفكار والممارسات تحتاج إلى التطوير باستمرار حتى تتمكن من أداء دورها الفعّال في حركة الحياة.
“يمر العالم العربي خصوصًا والإسلامي عمومًا بحالة ازدواجية بين خطاب مثاليّ يسمعه، وواقع سيءٍ يعيشه، من هنا كانت العديد من الوقفات والمراجعات في داخل المنظومة الفكرية ذاتها؛ لأن إصلاح البيت من الداخل أولى من التلميع وإظهار الصورة المشرقة من الخارج، بينما الأول يعاني من علل لا بد أن نقف عندها أولًا. ومن هذه العلل علة التطرف والإرهاب التي حاول البعض جعلها لصيقة بالإسلام، بينما حاول تبرئة الأمم الأخرى منها ولو حدث عندهم أشد وأطغى مما يحدث بيننا، ومن داخل نصوصهم!! وفي القسم الأول الذي يعنى بماهية التطرف، قال: “التطرّف يعتبره العديد من الناقدين بأنه نسبي، فما تعتبره أنت تطرفًا قد يعتبره الآخرون وسطًا وحقًا مشروعًا، فيحدث التضارب في فهمه وإسقاطه.”
يقدم الكتاب رؤية تكاملية، في الجانب التأملي والنظري ويشمل بحث التسامح الفقهي في السلطنة عمان، وبحث الثقافة العربية والحراك المجتمع، مع التركيز على الجوانب المشتركة، وسبل تحقيق النهضة التعايشية، وسيقدم الكتاب مذكرات لتحقيق التعايش ومعرفة الأخر، مع بعض المراجعات والتأملات.