جاء هذا الكتاب مرتكزا في أساسه على مذكرات إسماعيل بن خليل الرصاصي التي صدر عنها الكتاب الإلكتروني «الوالي إسماعيل - في خدمة أصحاب الجلالة السلاطين عام 2020م وبني عليها بحثا تاريخياً متكاملة عن سيرته موثقا بأكثر من 530 وثيقة، وملقيا الضوء على العديد من الأحداث السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي حدثت وخاصة في تاريخ عمان خلال الفترة من 1928م وحتى عام1986م، وتصحيحا لبعض المعلومات التاريخية المرتبطة بتلك الفترة كما كشف النقاب عن بعض الأحداث التي يتم الإشارة إليها من قبل، وسلط الضوء كذلك على بعض المواقع الشخصية والإنسانية لصاحب المذكرات، أو لعدد من الشخصيات التي ورد ذكرها في المذكرات.
ثمة علاقة عضوية قائمة - علاقة الجـزء بالكل؛ وعلاقة الكل بالجـزء - بين بيت الطين؛ كَمُكَـوّنٍ مـادي؛ وبين الظاهرة الاجتماعية؛ كَمُكَـوّنٍ معنـوي؛ ولأن الصورة ليـس مـن اليسير تركيب تفاصيلها، أو تقريـب تقاطعاتها، بما يقرب المكونين، مـن خـلال التنظير فقط، فإن الأمر؛ في المقابـل يستلزم الكثير من الاقتراب من واقع الحياة، الذي تمثلـه سـلوكيات وأنشطة الناس، ولأن هـذا الواقع غير ثابت، وغير مستقر؛ فإن الضرورة تقتضي الإسراع أكثر نحـو تسجيل لحظاته في الزمـن الـذي نعيشه، لأن مـا مـضى تلاشـت صـوره؛ أو تكاد، ولأن القـادم لا يزال يبحـث عـن مـوطـئ قـدم ليتشكل، ويتجسد، ويطرح نفسـه عـلى أنـه بديـل لما كان، أو لمـا هـو حاضر. فمعنى ذلك أن الزمن المتاح لتحقيق ذلك قصير جدا، وبالكاد يفسح المجال للملمـة مـا تبقى، ومـا هـو متاح.
إن وسائل الإعلام في اي بلد من البلدان هي من أهم المصادر الأساسية للمعلومـة التي يبني عليها الفرد مواقفه، ويكون رأيه، ويمضي فيامره، وشأنه، كما تقـوم عليهـا اتجاهات المجتمع حيال الأحداث الجارية، سواء بالقبول، أو الـرفض؛ إذ تقـدم وسـائل الإعلام بكافة أشكالها دورا ملموسا في تشكيل موقف الجمهـور المتلقـي مـن القضـايا المطروحة على الساحتين: المحلية، والدولية، ولا يتوقف تغيير الاتجاه، والموقـفعلى القضايا العامة، أو الأحداث المثارة فقط، وإنما يمتد إلى القيم، وأنماط السـلوك ذاتهـا؛ إذ نجد أن اعتماد الجمهور على وسائل الإعلام يختلف باختلاف حاجاتهم، ورغباتهم.
كان يتساءل بحزن: تُرى كم موناليزا صغيرة في هذا العالم المخيف لم يكترث بوجودها أحد، تتقرفص بجسدها الصغير ككرة من لحم،تتدحرج في ظلمة الأيام البائسة، تصطدم بأحدنا فتبتسم الابتسامة نفسها، ابتسامة باهتة بلا معنى، ثم تولد لها الحياة ذات قدر وطالع جميل إثر ضوء عدسة تصوير تتحين الفرص.. ستحظى يومها باللقب نفسه؛ «موناليزا»، ثم ستنتهي الحكاية كما تنتهي كل الحكايات!
"الخضراء" عشب الحياة الأخضر، ببحرها الذي يدفرها بالحب والحنين، برمالها التي احتضنت أقدام سكانها الطيبين، بنقوش الزمن علىخدود العابرين فوق أثير محياها الضاحك.. "الخضراء" لؤلؤة النهار وتغريبة المساء، كم من السفن التي عبـرت، وكـم مـن السـفـن التـي أنـاخـت، بهـا حكاوي السفن وحكاوى الأسفار والأمصار.. وبين أنين الصّواري وأنين العشّاق هناك الآلاف من الحكايات المدفونة في مناديس ذاكرتنـا تـتـلـوّن بـلـون "الخضراء".
هذه المقالات كتبت في الأصل لتأثيث زاوية أسبوعية بصحيفة "العربي الجديد" اللندنية, ولأن الحياة "ركض حتى في السكون، وعواصف ورعـود لـكل مـن يطـل مـن أي نافذة على العالم"، كما يقول محمود الرحبي، فقد حاولت هذه المقالات أن تتصادى وتصغي لهذا الإيقاع في أضيق حدوده. ولا يخلو الأمر من تماسّ مع حميميّات وقراءات وشخوص ومواقف ما كان لبعضها أن يذكر لو لم تربطها علاقة بالكاتب. وهذه طبيعة عضوية في المقالات الحرة المفتوحة على رياح الحياة وتحوّلاتها.