أكتب اليك من عالمي المسكون بالوجع والخيبة والجراح الى عالمك المسكون بالسكينة والطمأنينة وأهمس في أذن روحك لا أريد أن أتذكرك فلا يتذكرك سوى من استطاع نسيانك يوما أريد أن أحياك بكل ما في هذا القلب من حياة فما أحوجني للبوح ما أحوجني لكتابة رسالة لقلبك المحب الصادق ما أحوجني اليك لذلك أستعيدك رغم الغياب ورغم الفقد أستعيد كل تلك اللحظات التي كونا فيها معا ها أنا أمشط الطرقات وحدي أبحث عنك عن رفيق أبثه همي أضحك معه بذات الصدق الذي كنا فيه معا أنازعه كما أنازع نفسي فأنا ما كتبتك وأنت على قيد الحياة ولكني أكتبك اليوم وأنت على قيد الموت لأقول لك كم أنا بحاجه لأن أتحدث اليك كما كنت بحاجه لأن أقول لك كل ما في هذا القلب من ألم الحكايات في غيابك لأبكي بحجم كل هذا الفراغ الذي أغرق فيه حتى الأختناق.
تجر القيد في قدميك، تتحسس الدم النازف على الأرض من أثر حز القید، تصرخ للجدار الذي تبثه نجواك كل يوم وأنت تسند قامتك المتهالكة عليه :(هذا ما نذرتني له يا أبي!). لم تنس ذلك اليوم وأنت ابن الخامسة، حين سقطت البندقية من يدك وأنت وقبل أن تحاول اللحاق به في مشيه السريع. إنه الريح إذا مشى كما قالت لك أمك، تنحني الأخذها، أوقفك صوته الهادر الأشبه بطلقة رصاصة إذا انطلقت ستصيب في مقتل. يا لهذا الرجل الذي يزرع في قلبك الرعب والأمان في وقت واحد!. أحرقتك شرارة الغضب من عينيه وهو ينهرك (الرجال ما يطيح تفقه، وإذا طاح ما ينحني، كن رجلا أو لا تكون) وحينما حاولت أن تأخذك بين يديها كي تخفف عنك وجع ما أصابك انتزعك منها، فتتبعه من جديد، وليسقط أي شيء عدا البندقية التي تظل مسكا بها، متوسدا إياها، لاعبا بما لعبتك المعتادة في إصابة هدف لا تخطئه. تسير في دروب (عين السواد)، على أرض هي موطئة لقدم رجولته فتتبع أثر الهيبة المتبقية لشجاعة ما خلقت في قلب رجل سواه.
هكذا نتطور (فلسفة التطور في عالم الإنسان والأفكار والأشياء) الفكرة هي مزيج من المشاعر التي تجيش بها الغريزة البيولوجية (الفطرية) الداعية إلى الحياة والبقاء فتنطلق عبر نظام التفكير العقلي( للكائن العاقل أو وفقا لمستوى الوعي) في دوامة من التأسيس الفكري العميق الممزوج بين الرغبات والصراعات التي تصب في مصلحة البقاء والنمو والتطور، إلا أن هذا التطور قد يكون محكوما بالمعايير الأخلاقية عند (الإنسان)، وبالتالي تتشكل آلية من النظام والحكمة والحب، وهذا ما قاده إلى تأسيس فكرة الفلسفة، ورغبة من هذا العاقل الحكيم الأخلاقي لأجل بناء مجتمع فاضل يوازن بين رغبات فكرة البقاء والحياة، وبين العمق الأخلاقي الضابط، نشأت فكرة العلم بجميع ما عرفناه وما نعرفه وما نستطيع أن نتوقعه في قادم المستقبل. إنها الفكرة التي لا يمكن أن تعد وليدة الفطرة وحدها، بل هي وليدة الفطرة ورغبة البقاء مع الأخلاق وهذان العاملان هما من سمحا للإنسان العاقل أن يجعل من الفكرة تسلسلا مستمرا لا منقطعا، يضمن فيه عنصر التطور والنمو، مما جعل منه كائنا مفكرا متحضرا، والأهم إنسانا أخلاقيا. من هنا نحن هكذا نتطور
هذا الكتاب عبارة عن تدوينات [هذونات] كتبها المدون معاوية الرواحي في أقل من عشرة أيام أيام الثورة المصرية، الكتاب ليس سياسيا ولكنه يتناول سذاجة إنسان عربي يحاول فهم ما يحدث ويحاول التوفيق بين متناقضات حبه للثورة أو وفائه الأبوي للطاغية الذي لا يستطيع أن يكرهه، ولا يستطيع أن يحبه. بطلة الكتاب ليست الثورة المصرية، وإنما تلك الشاعرة المجنونة لأنها كانت عاقلة في لحظة اشتعال الدماء.
كان ليل (تشتوان) طويلا جدا وهادئا، وجراح القلب تنفتح في تلك اللحظات دون أن تستطيع وصف ألمها بالكلمات، لا تسمع في ذلك الليل هما أو صوتا. لقد تعود الناس أن يناموا مبكرا، لذلك حينما تلقى نظرة من الأعلى لن تجد سوى الظلام يبتلع المكان. كان لسكون الليل صوت کالمطارق أو الصراخ المكتوم. كانت تلك الأصوات تهدر من بعيد ثم تخفت..