شعرت بشيء من هذا وأنا أكتب مواضيع هذا الكتاب، فلم أكن أرغب في كتابة مقالات أدبية وفقا لمقاييسها المعروفة، وإن كنت قريبا منها إلى درجة كبيرة. ولم يكن في ذهني كتابة نصوص مفتوحة كالتي يكتبها الكثيرون. وإنما سعيت لأكون قريبا من ذلك كله، ساعيا لإنتاج نص أدبي في قالب مقالي يتسم بالتنوع والثراء، إلى جانب اللغة الأدبية، مستعينا بما تيسر لدي من حصيلة معرفية من خلال المطالعة، بالإضافة إلى الاستفادة من مختلف المصادر المتاحة، بغية كتابة مواضيع تحقق جزءا كبيرا من المتعة القرائية لدى القارئ، كتلك المتعة التي يجدها في نص شعري أو عمل سردي أو غيره. من هنا يقترح عنوان الكتاب عنصر المسرة لدى القارئ، وإن لم تكن جميع المواضيع ذات طبيعة مبهجة. تضمن الكتاب أحد عشر موضوعا، كلها تبدأ عناونيها بكلمة (عن)، لتصبح هذه العنعنة "مجازا"، بمنزلة العتبة الأولى للدخول إلى فضاءات النص.
«فالتقيت بالناس، وجلست مع هذا وزرت ذياك، فأخذت صورة حية طرية مما جرى بعيني وشـهود العيان، ولم أقصد بهذا الإحاطة بصنائع«شاهين»، فذاك أمر عظيم، وحسـبي مما رأيته وسمعته إنها لإحدى الكبر (وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ). حينها حركت يراعي مبسملاً ومحمدلا لله الحي القيوم مصليا ومسلما لخير من وطيء الأديم بنعله،
لأن السيميائية هي دراسة العلامات بأشكالها المتعددة، فإنها تعني في الأساس بالثقافة الإنسانية بما تمثله من أنظمة تشتغل بوصفها علامات ذوات معان ودلالات قابلة للتأويل، وعليه فإنها تعنى بالشفاهية المرتبطة في الأصل بتلك الثقافة على الرغم من كونها عرضة للتغييرات البيولوجية أو الفيزيائية؛ ذلك لأن الشفاهية محدودة قدراتها بقدرة الإنسان النطقية والسمعية، إلا أن "كل لغة بشرية تختص بثقافة تاريخية معينة". وبناء عليه فإن هذا الكتاب سيعنى بدراسة نماذج من نصوص الأدب الشفاهي في عمان، انطلاقاً من قدرة تلك النصوص على البقاء، وهو ما يأخذ شكلا شفاهيا كالحكاية أو الفن أو السلوك المعتقدي القائم على التواصل والفعل المنطلق والمتأسس من التخيل القصصي.