للواقع عدة وجهات نظر مختلفة ومتنوعة، وله أبعاد وأوجه متعددة، ويحمل طبقات متراكمة عميقة في كل مسألة حياتية، ولكن الذهن مبرمج على أحادية المنظور. ورؤية منغلقة ذات بعد واحد، وتتسم حالته بالثبات والجمود حيث إنه يعجز عن رؤية أبعاد غير ذلك البعد الذي برمج على رؤيته فحسب، ولا يمكنه مسح سوى الطبقة السطحية من الواقع، لعدم قدرته على السبر إلى طبقات أعمق من ذلك، بالإضافة إلى اختزال أي مسألة حياتية نحو عامل واحد فقط، وإبعاد باقي العوامل المؤثرة. على الرغم من أن طبيعة الواقع تحتمل وجود مناظير متنوعة، وصور متعددة من دون إقصائها، وبالتالي ثمة واقع مغاير غير الذي ألفنا رؤيته، ولكن الذهن يوهمنا أن ما أعتدنا على رؤيته هو يمثل أفضل توصيف للواقع، وما دون ذلك، فهو يعتبر أوصافا ضالة، مع أن الواقع يمكنه احتضان الكم الهائل من التوصيفات المتنوعة التي لا تعد، ولا تحصى، بل إن في كل مسألة حياتية، حتى وإن كانت بسيطة، فإنها تحمل أوجها متعددة في صميم تكوينها، ذلك لأنه لا يوجد توصيف واحد ثابت يطلق على أي من المسائل التي تتعلق بالواقع، كما أن طبيعة الواقع لا تتسم بحالة واحدة ثابتة، وإنما بالتغير المستمر غير الثابت، ولكن بسبب عوامل التنشئة الاجتماعية والتربية التقليدية، وغيرها من العوامل.
تتناول هذه الدراسةُ الرواياتِ التاريخيةَ التي تضمنتها مصنفات الجاحظ، وتكشف عن رؤيته التاريخية والسياسية، وخاصة رؤيته للدولتين الأموية والعباسية. وهي رؤية لم تأتِ مباشِرة وواضحة في كتاب أو رسالة من رسائله، بل جاءت عبر روايات مبثوثة في كتبه المختلفة. وإذا كان الجاحظُ لا يُعدّ مؤرخاً، إلَّا أنَّ ما كتبه وتفرّد به في هذا الجانب يؤكد حقيقةً الأهمية التاريخيَّة لمصنفاته. وتعرض الدراسة الدور الذي لعبه الجاحظ في إبراز الهوية الثقافية والسياسية العربية والإسلامية من خلال مصنفاته ورسائله، فقد لعب دوراً مهماً في الدفاع عن اللغة العربية وعن العروبة التي اتَّخذتْ بعداً ثقافيَّاً وفكرياً جديداً. كما تصدّى للحركات الفكرية التي تستهدف الإسلام واللغة العربية.
فاطمة البرواني المعروفة باسم ”فاطمة جينجا” شخصية ليست من الشخصيات التي يمكن أن تمر مرور الكرام على مَنْ يقابلها، إذ لها الكثير من المحطات التي تستدعي القراءة والتأمل والتحليل والتفكير، فهي المخضرمة التي عايشت تفاصيل وأحداث مرحلتين في زنجبار: مرحلة ما قبل انقلاب 1964م وما بعدها، وهي الأديبة، وربيبة القصر، وابنة شهيد، والزوجة (سابقًا) لقائد جيش الانقلاب!! ولعدة رجال بهويات مختلفة، وهي أم لقرينة رئيس زنجبار السابق، وكذا لواحد من وزرائها، ورغم تعدد اهتماماتها فهي أيضًا المرأة النمطية التي أنجبت عشرة من الأولاد والبنات!!… فلثراء ولتناقض مفردات رحلة حياتها ولتقاطعها مع مفردات التاريخ والحياة السياسية في زنجبار… أصبحت مثارًا للجدل ولكافة علامات الاستفهام. د. آسية البوعلي