ربما ... الإعلام العماني قطاع من القطاعات الخدمية والسياسية والاقتصادية في آن معا، تصرف على خططه وبرامجه ميزانيات طائلة؛ لكي يقوم بحزمة من الخدمات المتكاملة للمشاهد في بقاع الأرض لا في السلطنة فقط؛ بقصد التأثير في الأخير في ظل المنافسة الشديدة والقمة التاريخية التي وصلت إليها البشرية في مجال الاتصالات؛ فإذا خسر الإعلام المشاهد، وأفلس من فعل التأثير في الآخر؛ فذلك يعني أننا نرمي أموالنا في الهواء، إن المشاهد لا يمكن الإمساك به إلا بحزمة رائعة متقنة التخطيط والأداء يراعي ذكاءه وذوقه وثقافته؛ فإذا لم يجد ما يشبع به رغباته وتطلعاته في قنواتكم؛ فإنه يمد بصره وسمعه إلى السلة المفعمة بالقنوات والريانة بالعطاء في ظل الفضائيات المتناثرة، ولكم بعد ذلك البحث عن مشاهد آخر ولعلكم تجدون بغيتكم في عجوز أقعدتها السن فلا تتقن إلا الضغط على رقم بعينه في جهاز التحكم، وربما صادف الرقم أن يكون التلفزيون العماني (الملون) وعندها سوف تستمتع بما تقدمون، وتتأثر بما تعرضون وربما نامت على وقع الأناشيد الوطنية التي لا تنقطع.
سؤال مباغت وسريع طرحه أخ عزيز عن مدى استعدادي لمرافقته إلى جزيرة زنجبار، مع عدد من الزملاء، ورفع من مستوى الإثارة والرغبة الكامنة في زيارة هذه الجزيرة، التي أخذت حيزا واسعا في صفحات تاريخنا العماني، بدأ منذ قرون طويلة وما زال، وكانت في فترة من الفترات عاصمة للإمبراطورية العمانية، نشطت لحظتها الذاكرة فعرضت عشرات الصور والمشاهد والمواقف والقصص عن العلاقات العمانية الشرق أفريقية التي تواصلت على مدى تلك القرون من الزمن.. الخ. في فصل يتحدث عن العلاقة العمانية الشرق افريقية في كتب المؤرخين والباحثين، سلط المؤلف الضوء على مجموعة من الكتب التي تناولت هذا الجانب، من بينها كتاب "جهينة الأخبار في تاريخ زنجبار" لسعيد بن علي المغيري، وكتاب "الهجرات العمانية إلى شرق افريقيا بين القرنين الأول والسابع الهجريين" لسعيد بن سالم النعماني، و"زنجبار تاريخها وشعبها" لوليام هارولد انغرامز، و"زنجبار شخصيات وأحداث (1828 - 1972)"، لناصر بن عبدالله الريامي، و"الصحافة العمانية المهاجرة: صحيفة الفلق وشخصياتها (الشيخ هاشل بن راشد المسكري.. نموذجا)" لمحسن الكندي، وأخيرا البرامج المتلفزة التي قدمها الإذاعي محمد المرجبي. وفي هذه الكتب مادة وفيرة تتحدث عن هذه العلاقات بين عمان وشرق افريقيا، وما نتج عنها من نصوص أدبية ومؤلفات ووثائق وخرجت شخصيات لعبت دورا كبيرا في بناء هذه العلاقة.
أنه وعلى عكس مؤلفات كثيرة تحاول أن تنهج النهج نفسه، فإن هذا الكتاب تجاوز دهشة البداية إلى البداية نفسها، إلى وضع الخطوط العريضة والاتفاق عليها بلغة منصفة للجميع، مستخدما لغة العلم التوافقية دائما، ومع أن الكتاب من بدايته إلى نهايته مکتوب بلغة فنان وبریشة شاعر، إلا أنه أيضا کتب بعقل باحث متفحص مستعد التحدي الحقيقة التاريخية التي قد تبدو مألوفة بحقيقة أخرى مع بيان الأدلة والأسباب.