هذا الكتاب هو كالدليل الميسر جدا جدا والذي يلخص للدعاة النصائح والإرشادات، وما عليهم وقتئذ إلا البحث والتنقيب والتزود بوقود المعرفة ويمخر في محيط العلم وبحوره العميقة الشاسعة، بالذي يرغبون به وتنسجم أنفسهم معه. ولا أجد فيه صعوبة تذكر ولا يولد الحيرة في القارئ الذي خاض مجال الدعوة بل لن يكلفه لجر موسوعة معينة لكشف غموض شيء في الكتاب ولا قاموس إلا لبعض الأمور التي بينت مسبقا أن الداعاة سيحتاجون للغوص بأنفسهم في بحرها ويبحرون بقواربهم بأنفسهم ولأنفسهم. فالدعوة كما تعلمون هي للأمتين؛ أمة الدعوة ( غير المسلمين وأمة الإجابة ( للمسلمين). وهي أقسام ومشارب وميادين، وكل يبرع فيما خوله الله تبارك وتعالى فيه. نعم، الدعاة يشتركون في الميدان بحلوه ومره ويخرجون من بستان واحد. ولكن هذا البستان به أشجار وثمار متعددة وكذلك مذاقها وإن سقي بماء واحد ووضع في أرض واحدة.
قريبا جدا سأصير يتيما، لن يترك أبي شيئا عدا حماره هذا، ونخيلا بعيدة في أرض بيت المال، سنعيش أنا وأمي وحيدين في بيت لا نملك له ملكيّة، ظل يحدثني أنه لن يترك شيئا عدانا، يقول أنتما ريحانتاي، أنا كنزه الوحيد، يريده عظيما قويا صلبا. لن أنساه، كان قد قال مرة: «أريدك كهذه الجبال»، أشّرت أصبع من يده اليمنى نحوها، كانت شامخة وقاسية، صلبة حمراء كدم الشهيد إذا جف على الأرض. «لا تنحن أبدا، حتى لو جاءك الموت افتح له قلبك، دعه يدخل مطمئنا ليوقف نبضاته، سترتد روحك إليه؛ لتنعشه في القبر، عش شامخا كهذه القمم التي جاورتنا الآن».
يضم هذا الكتاب مجموعة منوّعة من الدراسات والمقالات حول قضايا مختلفة في السرد والنقد والثقافة. وقد حظيت القصة القصيرة في الباب الأول منه "السرد" بالنصيب الوافر، فجاءت عناوين الدراسات فيه معبّرة عن شغف كبير بهذا الفن، من مثل "قراءة دلالية في قصة "أيها الكرز المنسي"، وخطاب القصة القصيرة في مجموعة "رفرفة" للقاصة العمانية بشرى خلفان، وصورة الأنثى وحضورها في القصة القصيرة العمانية وأفق التحولات. أم الباب الثاني من الكتاب "النقد والثقافة" فقد جاء في تنويعات أضفت على الكتاب طباع الموسوعية التي لا تفتقر إلى عمق النظرة واتساع الأفق، فكانت عناوين من مثل "الثقافة أم خديعة الأمل؟" و" في ثقافة الصورة" و "الدراما الخليجية وواقع الأسرة المتغير" وغيرها من المقالات التي تتسع لقضايا النقد والثقافة معا.