النصوص التي أكتبها لم تعد ملجأ لفرط ما توسلت الهدوء، إنها تقاوم من أجل أن تستكين الضوضاء تسلب تضاريسها، تطمس عنوانها وعنفوانها. كنت واجمة بتناقضي وقناعتي أمام نعش هذا النص الذي ظننته مقبورا لأرضي ما تبقى من ضميري لأنني في الحقيقة بعث نصوصي للرياح واختلقت الأمر وذلك قد يحدث للكاتب حينما يتخلى عن نفسه، وعن أحلامه ،وبقايا رفاته !
مرة أخرى تظهر المرأة.. بيدها خطاب.. تبحث عن من يطلقه عبر الريح.. عن بحار مغامر.. الخطاب معنون باسم "حمد بن علي الحسني" مكتوب بداخله.. (ارجع مسكد كلها دروب). هل جربت يوما أن تحلم؟.. فرصتك يا عبيد. يقول رجل بحماس ظاهر لقد تحققت أمنية الرجل الذي قال.. نحتاج من يقلم مخالب البحر.. هيا يا عبيد.. لا شيء أكثر أمنا وحرية مثل الحلم. ثمة رغبة لا شك تسكنك لإعادة ترتيب الأشياء، ثمة صرخة مكبوتة في داخلك منذ ولادتك، قطرة ماء لترطيب صحراء جسدك، وثمة شيء ما سوف يحدث، هكذا تقول السماء.
أستطيع القول أن قصائد احمد قرَّان الزهراني بما توافر لها من ملمح استثنائي في استخدام اللغة وفي التعامل مع جوهر القضايا وجوهر الأشياء يضعه ضمن أبرز شعراء الموجة الأحدث في قصيدة التفعيلة، هؤلاء الذين يواصلون إصرارهم على إعطاء القصيدة الجديدة تجلياتها العربية وجمالياتها الفنية الطالعة من موروث حضاري شديد الغنى والمفتوحة على ثقافات العالم. أ.د.عبدالعزيز المقالح