هذا ليس كتابا عن الدراجة الهوائية، رغم أنها الثيمة العامة المتجلّية في العنوان والبارزة فيما بعده، ويا للمفارقة! انطلق حمود حمد الشكيلي بالدراجة الهوائية كمدخل مهم للحرية أولا وللحب دائما، فنقرأه متأمّلًا للاثنين معا، ساكبًا روحه فيهما، وممارسا لطقوسهما معًا. لا تشكّلُ الدراجة الهوائية وسيلة مواصلات متاحة من مئات من مئات السنين للطبقة الكادحة فحسب، وإن كان من الممكن النظر إليها بهذه الخلفيّة، وهذا ما لا يطمح إليه الكتاب في عمقه، بل إنها وسيلة حرية في زمن تضيق فيه الحرية الفردانية للأشخاص والجمعية للأمم، حيث عززت الأوبئة من العزلة القاسية كسجن قسري؛ عوضا عن مشروع الحرية الكبرى للإنسان وخلاصه من قيود تحدّ من حركته الجسدية والروحية والفكريّة، كأنما خلاص الإنسانية كلها بدا مرهونًا على عجلتين. يعبُر كتاب الدراجة الهوائية للشكيلي بقرائه في المزيج الفريد إلى الأنواع الأدبية والكتابية المتعددة، فنجده باحثًا تاريخيًا في أصل الأفكار، ومدونًا نصوصًا وقصصًا، ومستكشفًا حالاتٍ ويومياتٍ حميمة، ومتأمّلًا أشعارًا مُعبّرة، وحالمًا مُتخيلًا لما هو أبعد من الواقع، عائدًا بنا إلى ما يدغدغ الطفولة في مشاهد يتآلف معها القارئ، وتستثير حنينًا كثيرًا ما راوده فيها.
يسعى هذا الكتاب إلى تقديم تصور أولي وبالخطوط العريضة عن بعض جوانب ما اصطلح عليه بــ"المشكلات العقلية الكبرى"، وهي مسائل المعرفة والنفس والألوهية (مع ما في التعبير من تسامح) والطبيعة، فيعرض للآراء التي توصلت إليها الحضارات الفلسفية البشرية في مختلف مراحلها حول كل واحدة من القضايا تلك، إبتداءً بالعهد الإغريقي الأول، ومروراً بالحضارة الإسكندرانية وآراء الفلاسفة الأوروبيين، وإنتهاءً بتحقيقات الفلاسفة المسلمين لا سيما الفيلسوف "صدر المتألهين محمد بن إبراهيم الشيرازي"، آخر مجدّدي الفلسفة الإسلامية والرجل الذي تدين له هذه الفلسفة بالشيء الكثير لما حقق لها من إنجازات لم يكن لأحد قدم السبق إليها. إن المؤلف بعرضه هذا للقضايا المذكورة يقدم للقارئ عرضاً متكاملاً لكيفية تناول العقل الإنساني لكل من القضايا تلك، وهو إذ يتتبع السياقات الفكرية المختلفة ويستخلص منها وجهات النظر حول قضايا مشخصة، إنما يساهم في تكوين رؤية تاريخية متكاملة للحراك الفكري عند بني البشر، وهو جهد كبير يشكر الباحث على بذله.
صدر لعلي الهاشمي مجموعة شعرية بعنوان "كان ظلا وارفا". اعتمد على نظام المقاطع المرقّمة، فلم تحمل المقاطع الشعرية المتوزعة بين القصيدة العمودية وقصائد التفعيلة وبعض مقاطع نثرية لم تحمل عناوين داخلية، إلا أن الخيط الناظم لها هو حضور الذات في عموم الخطاب، وطغيان عاطفة الحب: "إني أحبك، لا أطيق تكتّمًا، والسر تفضحه لك العينان، ولهان يا أنسي، ولست بتائب، الله يعلم ما أرى وأعاني".