لقد كان منطلق هذه الدراسة أن تعرّف - بشكل أكاديمي مشبع - بواحد من رواد الشعر العماني الحديث وعلم من أبرز أعلامه، هو الشاعر المهندس (سعيد الصقلاوي)، وذلك بأن تنزله منزلته من المشهد الشعري العام في سلطنة عمان وأن تبرر هذه المكانة عبر استعراض مدونته الشعرية ومحاولة الكشف عن أهم ما تختص به على مستويي الفكرة والعبارة.. والملاحظ في هذا البحث المعمّق أولا أن فصوله المختلفة قد تضافرت لتجسيم برنامج صاحبه فيه - على ما سبقت الإشارة إليه - وأن كلاً منها قد أفضى إلى خلاصة مرحلية تؤلف متفرقاته وتثبت نتائجه الجزئية، كما أفضت جميع فصول البحث إلى كاتمة تأليفية جامعة ترسّخ نتائجه وتكرّس تميّزه وتبرز الجهد الذي بذله صاحبه فيه، والملاحظ في هذا البحث أيضا أنه استوفى أهم الشروط والمقتضيات العلمية المطلوبة في جنسه تكاملت فيه مقوّمات محتواه وصياغته، من حيث إقناع الموضوع بجدته وطرافته واستجابة المدونة المقترحة لشرطيْ الكفاية، الكمّية والنوعية، وصلاحيّة المقاربة ونجاعتها ووضوح التناول وشموله وسلامة الأداء وإقناع الحصيلة العامة بشرعية البحث واقتدار الباحث وجدّيته، فهو قارئ جيد للشعر وصاحب قدرة باهرة على تحليله، وقد مكنه ذلك من إنجاز هذا البحث المعمّق الذي يمثل إضافة حقيقية إلى مدوّنة نقد الشعر في سلطنة عمان.
قال محمد الحارثي لأصدقائه: أريد من قلبي المريض أن يمهلني حتى أتم كتابي الأخيرين. وأمهله. صدرت الناقة العمياء في 2018، وقاد محمد الحارثي خطام ناقته بتوقيع كتابه في آخر معرض للكتاب يحضره، في مسقط، في فبراير 2018. ورقد مخطوط کتاب رحلاته الأخيرة مكتملاً في حاسوبه الشخصي. كنا نستمع إليه وهو يحكي بحماسة عن كتاب الرحلات الجديد عن سرنديب أو سريلانكا، نتابع خطواته المثقلة بالمرض، وروحه المتحررة بالأمل إلى نيغومبو ونوراليا وكولمبو وجفنة، وأخيرًا إلى مقهاه المفضل في مسقط لتنقيح مخطوطته الأخيرة. ثم توقف القلب الضاج بسر الأسفار وشغف الحياة، وألقى الرحالة الأخير عصا التسيار. تعرف ابنته ابتهاج أن الكتاب الأخير قد أنجز فعلا، وبعــد عنـاء فك شيفرة حاسوب الشاعر المحمول، وجدنا "الفلفل الأزرق" جاهزا تقريبا. في كتابه الرحلي الثالث يطوف بنا محمد الحارثي بعينه اللاقطة، وبراح رؤيته، وتسامح روحه، وانفتاح تجاربه في سرنديب كما لم نعرفها من قبل.
الإيمان سبيل من سبل عيش الحياة، فلا يخلوا أي إنسان من إيمان بمختلف أشكاله، فالإيمان بالنفس، وأن لديك قدرات تأهلك للنجاح هذا بحد ذاته نجاح. في داخلنـا أشياء عظيمة، لكننا في حاجة لنؤمن بأنفسنا، ففي هذا الإيمان حياة، وفي هذه الحياة نجاة.