هذه المقالات كتبت في الأصل لتأثيث زاوية أسبوعية بصحيفة "العربي الجديد" اللندنية, ولأن الحياة "ركض حتى في السكون، وعواصف ورعـود لـكل مـن يطـل مـن أي نافذة على العالم"، كما يقول محمود الرحبي، فقد حاولت هذه المقالات أن تتصادى وتصغي لهذا الإيقاع في أضيق حدوده. ولا يخلو الأمر من تماسّ مع حميميّات وقراءات وشخوص ومواقف ما كان لبعضها أن يذكر لو لم تربطها علاقة بالكاتب. وهذه طبيعة عضوية في المقالات الحرة المفتوحة على رياح الحياة وتحوّلاتها.
"كيف لامرأة مثلي أن تعالج جروحها دون أن تخسر الصورة التي يراها من حولها زاهية مبهرة، وكيف لي أن أحافظ على نفسي من الضياع والانهيار والسقوط في وحل الهم ومستنقع الحزن واليأس الذي ينهش كل شيء في"; "فراغ من حولي فلا صوت ولا صورة. وحيدة أقف في دائرة ضبابية. لم أعد أشعر بالمكان والزمان، وعقلي يفكر ي لا شيء"; "أنا امرأة لم يكن ينقصني غير أن أسلم روحي وجسدي لمن يعرف كيف يقدرهما، لمن أشعر بين يديه بالسعادة والأمان والراحة والاطمئنان، لمن يحترم تفاصيلي وينتشلني من وحل أوجاعي وهمومي"
في السادسة والنصف من هذا المساء لن يعبر غراب الربع الخالي فوق مبنى البنك المركزي في الحي التجاري بروي؛ لأنه لسنوات طويلة تلا وصاياه، وصرخ في وجه الكارثة، وقال للبلاد والعباد ما يقوله الشاعر للقصيدة، ما تقوله الرصاصة للقتيل، ما تقوله الشجرة لناي الصوفي، ما تهمس به الجبال للرعاة والجفاف، ولكن البلاد والعباد اتهموم بالجنون والحسد والخيانة.