هذا مسار عام في الأوبئة، ووباء كورونا (كوفيد19) يحكمه هذا القانون، بيد أنه ينيف عنه بمعطيات كبرى لم تكن موجودة في جوائح سبقته، منها: أنه أول وباء يشكل جائحة كونية مرصـودة؛ وأنه وباء سريع الانتشار؛ وأن انتشار تأثيراته من إصابات وموت، والاضطرابات الاجتماعية والانهيارات الاقتصادية التي تحصل بسببه، والاكتشافات التحصينية ضده، تنقل لحظة بلحظة. والأهم أن حصوله جاء في العصر الرقمي؛ مما يعني أن أي تحولات في الاجتماع البشري بسببه يصاحبها غالبا إعادة تأهيل وبناء لهذا الاجتماع بما يتناسب مع الأفاق التي تنشدها التقنية الذكية. وقد سارع الدارسون والباحثون؛ كل منهم في مجاله، إلى دراسة هذا المرض؛ سواء بحالته الفيروسية والوبائية، أو بمستوياته الفردية والجماعية، والنفسية والاجتماعية، أو بحقوله السياسية والاقتصادية والبيئية، ونحوها. من هذا المنطلق، جاءت فكرة رصد تأثير جائحة كورونا (كوفيد19) من قبل الجمعية العمانية للكتاب والأدباء، وهي تنزع في هذا المنزع من بعد ثقافي، لتقريب ما يحصل في السلطنة من تأثير للجائحـة ومـن تأثر بها لذهن القارئ. وبالإضافة إلى الرصد الآني؛ الذي يسجل لحظة توثيق الحدث، فالفكرة هدفت كذلك إلى استشراف التحولات المستقبلية التي يتركها الوباء على المجتمع العماني، وفي الوقت ذاته؛ محاولة الكشف عـن مـدى قدرة الفرد والمجتمع والدولة على استيعاب هذه التحولات.
“هذا الكتاب ترجمة عربية للنسخة الإنجليزية الصادرة سنة 2012م، وهو في نسخته الأصلية مكتوب باللغة اليابانية بعنوان «عُمان كينبونروكو»، الذي يعني في اليابانية (سجلات عمان)، وقد نُشِرَ في طوكيو عام 2009م. وليست مادة الكتاب مجرد انطباعات عابرة للكاتب، إنما هي تقصٍّ دقيق لأي معلومة – صغيرة كانت أو كبيرة – عن التواصل بين البلدين، وفيه حقائق تاريخية تنشر لأول مرة. وتشترك في الدقة عبارةُ المترجم مع معلومة المؤلف. أما المؤلف فهو خبير بالشؤون العُمَانية، ياباني من مواليد 1933م، تقلد مناصب إدارية في عدة شركات نفطية. وعمل خبيرا بوزارة التجارة والصناعة بسلطنة عمان، ونال وسام السلطان قابوس للثقافة والعلوم والآداب (من الدرجة الأولى). وأما المترجم فهو أستاذ الترجمة بقسم اللغة العربية وآدابها بالجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا، ماليزي الجنسية. حصل على البكالوريوس في اللغة العربية وآدابها من الجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا، والماجستير في الترجمة بين العربية والإنجليزية من جامعة ليدز ببريطانيا، والدكتوراه في الترجمة بين العربية والملايوية من الجامعة الوطنية الماليزية. وله مشاركات علمية عديدة.”
تعود جذور الاهتمام البريطاني بعمان إلى أواخر القرن الثامن عشر الميلادي، ثم تجذر هذا الاهتمام بعد الاتفاقية التي وقعها السيد سلطان بن الإمام أحمد (ت. 1804) مع بريطانيا في عام 1798، ونصت على أن العلاقة تظل ثابتة إلى الأبد. وأعقب هذه الاتفاقية سلسلة من التدخلات والاتفاقيات. وبعد سنتين من توقيع أول اتفاقية، افتتحت وكالة سياسية في مسقط عُرفت بالوكالة السياسية البريطانية عام 1800، ولكن وفاة أول ثلاثة وكلاء بسبب قسوة المناخ تسبب بإغلاق الوكالة في عام 1810، وعادت بعد ثلاثين سنة بتعيين النقيب أتكينز هامرتون واستمرت حتى عام 1972، حين ألغي منصب الوكيل السياسي، وعينت بريطانيا بدلا منه سفيرا في مسقط. على الرغم من هذه العلاقة لم تكن عُمان رسميًا ضمن الهيكل الاستعماري، إضافة إلى ذلك لم تكن الدوائر البريطانية تملك الحماس لإعادة هيكلة النظم الثقافية والاجتماعية، وصياغتها بذات الجرأة التي مارستها بالنسبة إلى النظم الاقتصادية والسياسية؛ فقد كان نفوذها قويا في رسم أبعاد حركة المجتمع السياسي منذ عام 1798م وحتى ما بعد منتصف القرن العشرين، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى تفتقر الحالة العمانية للدراسات التي تناقش الآثار الاجتماعية والثقافية للنفوذ البريطاني.