كان هناك شاب يعيش قرب البحر، وكان يحب طيور النورس. في كل يوم، وما إن تنجلي عتمة الفجر حتى ينهض في فراشه ويغادر منزله صوب شاطئ البحر ليلعب مع طيور النورس. مئات من طيور النورس كانت تأتي إليه. وتقترب منه. يلعب معها ولا تطير بعيدا. ذات يوم قال له والده:"سمعت أن طيور النورس تحب اللعب معك، امسك لي بعضا منها، وهكذا يمكن لي أن ألعب معها أيضا". في اليوم التالي، وعندما ذهب الشاب لشاطئ البحر، حلقت طيور النورس بعيدا في السماء، ولم يقترب منه طائر واحد.
تحكي "عشق هادئ" للروائي الإيراني نادر إبراهيمي (1936-2008م) قصة حب عميقة لمُعلم مُثقف من الريف يقع في غرام فتاة آذرية مليحة تُدعى "عسل"، قبل أحداث الثورة الإيرانية عام 1979. يُقدم الأستاذ العاشق عبر قوة الحب والأمل – رغم سلسة المتاعب الجسيمة التي تنال منه من جراء نشاطاته الشتى خارج الحقل التدريسي في ظل النظام الملكي- نموذجًا بسيطًا ولكن عميقاً للحب النابض بالتجدد لحياته مع زوجته، متجاوزًا كل ما يمكن ما يمكن أن يُكّدر صفوها ويضعف من وهجها بعد ظهور مشاكل جديدة متصلة بالحياة اليومية الروتينية للزوجين بعد قيام الثورة الإسلامية. تدعم سير أحداث الرواية المشوقة حوارات جذابة، ولغة سهلة متدفقة، وتأملات بالغة العذوبة والرقة، تجعل قارئها يتوقف عندها وتدفعه للتفكير في الدليل الشامل الذي تقدمه الرواية عن إمكانيات العشق الحقيقي الهادئ وقدرته على تجاوز المحن، في أكثر الأوقات عصفًا بالإنسان، وأشدها حلكة، ولعل هذا ما يحتاجه كلّ منا، في هذا اللحظة أكثر من أي وقت مضى.
"هذه الرواية التي تحكي عن أحداث ومواقف عاصرنا حقيقتها المرة التي نسمع عنها بين فترة وأخرى، قد تختلف القصص وتختلف المواقف وتختلف الاحداث ، أحببت أن أسلط الضوء على العادات والتقاليد، والحب الصادق النقي، وكيف تحكم العادات الحب وتقتله، قد تكثر علي الانتقادات، ولكني حاولت قدر الامكان أن أسرد القصة الحقيقية بكل جوانبها مهما تلقيت من نقد، قل من يكتب الحقيقة، وهنا أنا مؤمن بنقل الحقيقة بحذافيرها"