يهدِفُ هذا الكتاب إلى إبراز طبيعة العلاقات العُمانيَّة العثمانيَّة خلال الفترة 1744-1856م، التي تمثِّل بداية تأسيس دولة البوسعيد في عُمان بقيادة الإمام أحمد بن سعيد وحتَّى وفاة السّيد سعيد بن سلطان، وهي تعدُّ فترة خصبة شهدت الكثير من مظاهر العلاقات والتواصل بين الطّرفين، وذلك من واقع الوثائق العثمانيَّة المهمّة التي تكشف لنا طبيعة العلاقات السّياسيَّة والعسكريَّة والتجاريَّة المتبادَلة بين الدَّولتين، والتي تراوحت بين الودِّ أحيانًا والخلاف أحيانًا أخرى، في الفترة التي تعرَّضت فيها كلٌّ من عُمان والدولة العثمانية لأخطار من قِبَل القوى المجاورة لهما.
تُعدُّ سلطنة عُمان من أبرز دول شبه الجزيرة العربية تاريخياً، ومع هذا فهي أكثر دول المنطقة غموضاً ويعد تاريخها من أكثر تواريخ المنطقة تداخلاً وأصعبها فهماً، وهو غامض كغموض البلد نفسها، وصعب كصعوبة تضاريسها بسبب موقعها المتميز وتداخل القبائل وتنوع المذاهب والتنافس الاستعماري. ومن هنا تظهر أهمية هذا الكتاب الذي يسعى لدراسة العلاقة بين نظامين متصارعين على الحكم إبان الفترة من 1868-1913م: نظام السلطنة الذي يدعو إلى عدم الأخذ بالشرعية في كافة نواحي الدولة بل فيما يتناسب ورغبات حكامها، ونظام الإمامة الذي يدعو إلى تطبيق الشريعة في كافة نواحي الحياة وفق المذهب الإباضي، لذا لم يحظ بتأييد الكثير من العُمانيين لتستره بالمذهبية فأبعدته عن هدفه الأساسي وهو إصلاح الدولة وتحولت الإمامة إلى محاولة للتخلص من الآخر وتهميشه.
"لا يخفى على عاقل أن علم التاريخ مما يعين على الاقتداء بالصالحين، ويرشد إلى طريقة المتقين؛ لأن فيه طريق من مضى من صالح وطالح، فإذا سمع العاقل أخبار الطالحين أشفقت نفسه أن يقتفي آثارهم، أي: فيعد من أنصارهم، فتراه بذلك يقتفي آثار من صلح، ويجتنب أحوال من طلح". -الإمام نور الدين عبد الله بن حميد السالمي-
يُبيّن أن هناك نزعة سياسية ترسخت تاريخيًا لدى العلماء والفقهاء في عُمان، وهي أن أمر الحكم والسلطة هو أساسًا عند العلماء، ولا يخرجعن دائرتهم، إلا إذا أعطوا مشترك أدائهم لواحد منهم، يختارونه قويًا عدلًا، حيث كانوا يقولون: صار أمر عمان في أيدي علمائها منذ قديمالزمان. ووفقًا لهذه النزعة السياسية التي تسعى إلى ترسيخ مبدأ الحق السياسي، ظلوا يدافعون عن هذا الحق عبر تاريخها. يحاول الكتابفهم عوامل تلك النزعة، والأساس النظري الذي تستند إليه، وفهم مسار العلاقة السياسية بين العلماء والسلطة في التاريخ العماني منذمنتصف القرن الثامن عشر وحتى مطلع العقد الثاني من القرن العشرين.
"العمانيون وأثرهم الثقافي والفكري في شرق أفريقيا" للدكتورة هدى بنت عبدالرحمن الزدجالية فصّلت في مباحث الكتاب الهجرات العربية إلى شمال أفريقيا، ودور العمانيين في انتشار الإسلام هناك، وأشهر العلماء والفقهاء والقضاة ونتاجهم الفكري، وأهم المؤسسات الثقافية العمانية في شرق أفريقيا، ودور العمانيين في التعليم وحركة الصحافة والمطابع والنشر، وموقف العمانيين من التنصير والاستعمار الأوروبي وموضوعات أخرى. جاء في مقدمة الدراسة "لم يكن تاريخ العمانيين بشرق أفريقيا مرتبطًا بالنشاط التجاري أو السياسي فقط، بل تعداه إلى تأثيرات حضارية وثقافية وفكرية ولغوية ودينية". الكتاب بمثابة موسوعة تاريخية تغطي الفترة من عام ١٨٧٠ حتى عام ١٩٧٠م
باحث «جون ويلكينسون» في كتابه هذا بتحقيق مفصَّل لمختلف المراجع الغربية، وأماط اللثام عن الكثير من المعلومات التي طواها الزمن ويجهل تفاصيلَها حتى المتخصّصون في العالم العربي والإفريقي والغربي. يتضمَّن الكتاب -وهو الثالث في سلسلة الكتب التي التزمتُ بترجمتها- تفاصيلَ الوجود القبلي العُماني في إفريقيا قبل التغلغل الأوروبي، ويؤكّد أن الرواد الأوائل الذين اجتازوا إفريقيا واستكشفوا مصادر العاج في أعالي نهر «الكونغو» قبل وقتٍ طويل من وصول المُستَكشِفين الغربيين كانوا جميعاً تقريباً من العُمانيين القادمين من داخل البلاد، وليس من ساحلها. ويتطرَّق الكتاب إلى تقاليدهم ومعتقداتهم وحركاتهم وسماتهم الداخلية والدور الكبير للمبدأ العقائدي للإباضية في فترة التدافع. يعيد الكتاب الحياةَ إلى حركة الشعب العُماني في إفريقيا خلال القرن التاسع عشر، ويوضَّح مسلسلات التعاون والصراع والمنافسة بينهم وبين القوى الأوروبية التي كانت تتدافع على إفريقيا من أجل المجد والثروة، وصولاً إلى تقسيم المنطقة واستعمارها. ومن خلال تسليط الضوء على تشابُك الثقافات والأديان، يحاول الكتاب المساهمة في فهم خلفيّات الانقلابات الأخيرة في إفريقيا وجذور وسياسات الدول الغربيّة ومواقفها من الدول التي استعمرتها. محمد الحارثي
يحق للقارئ الكريم أن يستمتع بما ورد في هذا الكتاب من اقتراحات لأعمال حسبت فيها الخير للشخص نفسه ولأمته، وللقارئ أن يختار منها ما يناسب بيئته وأوضاعه. لكنني أعتقد بأن علينا أن نجعل ما ورد في هذا الكتاب مسودة لمشروع حضاري يرقى بهذه الأمة. ولهذا فعلى كل واحد منا أن لا يقرأ هذا الكتاب كما يقرأ غيره من الكتب، وإنما عليه أن يعمل جهده لتطبيق أكبر عدد من الأعمال المقترحة فيه، أو أية أعمال أخرى تصب في نفس السياق. ولقد حاولت جاهدا أن أنقل مادة هذا الكتاب من حيّز التنظير إلى فضاء التطبيق؛ وذلك من خلال التمارين العملية، والبرامج التطبيقية التي ضمّنتها هذا الكتاب. وإني لأدعو القارئ بأن يهتم بالقيام بالتمارين التطبيقية، ويجيب على الأسئلة الواردة في ثنايا الكتاب، لكي ترسخ الأفكار المقترحة في ذهنه، وتتجسّد في واقعه.
ليس عنوان "الغابة الفاضلة" -وحده- باعتباره متعاليا نصيا رئيسا قادرا على البقاء في ذهنية القارئ ومتخيله المعرفي، إنما شخصياتها تراهن على أن تظل رواية حاضرة في تاريخ البناء التراكمي للقراء: لانتمائها إلى نوع أدبي قديم متشكل منذ كلاسيكيات الأدب العربي في كليلة ودمنة، وفي أعمال أخرى تلته في الآداب الإنسانية بلغات العالم المختلفة. تكمن قوة "الغابة الفاضلة" في انحيازها للأفكار، وجمالها باعتبارها نصا أدبيا لافتا يتقاطع مع تلك الرغبة الصادقة في أن يبني الحيوان غابته الفاضلة مثل ما حاول خيال أفلاطون أن يبني للإنسان مدينته الفاضلة. بين الواقع المجازي في عالم حيوان "الغابة الفاضلة" والواقع المتخيل من عالم الإنسان استطاع عادل المعولي كتابة نص مختلف عن السائد المألوف، ليترك قارئ غابته الفاضلة يبحث عن أي من شخصيات روايته الأقرب إليه.
بين فجر 23 يوليو ۱۹۷۰ م وفجر 11 يناير 2020م ملحمة وطنية قادها جلالة السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور طيب الله ثراه بنى في عمان الأرض والإنسان، عمان الوطن والمواطن. بيد أن الفرق بين الفجرين عظيم، والأختلاف بينهما يصل حد التناقض، شتان بين مجيء وذهاب، وبين غمرة الفرح و كمد الحزن. وإذا كان مجيء السلطان قابوس طيب الله ثراه قد أسعد العمانيين فقط، فإن رحيله قد أحزن العالم أجمع. وعزاؤنا أن عمان لا تفقد الرجال وإنما تنجبهم فبعد السلطان قابوس طيب الله ثراه تنقاد المسيرة بكل ثبات وشموخ للسلطان هيثم بن طارق حفظه الله ورعاه، فهو خير خلف لخير سلف بحول الله.
مؤتمر "مستقبل الفكر في منطقة الخليج العربي" هو الحلقة الثانية ضمن سلسلة مؤتمر الفكر الدولي الذي تتبناه الجمعية العمانية للكتاب والأدباء، وقد جاء متزامنا مع أحداث جسام تمر بها المنطقة، لاسيما دول الخليج، وإذا كان المؤتمر الأول "التطرف الفكري ومدى تأثيره على المجتمع العربي" جاء في فورة صعود الإرهاب، وفي أوج تمكنه، حيث كان تنظيم "داعش" يسيطر على مناطق شاسعة من العراق وسوريا، إلا أننا قد تفاءلنا حينها بأن هذا الصعود هو ذروة ما وصل إليه العنف والإرهاب في المنطقة، وأن خطه البياني آخذ في الانحدار، وهو ما حصل فعلا، ونحن بنفس تلك الروح على أمل بأن حالة التشرذم والصراع التي تعيشها المنطقة هي في طريقها إلى الأفول، فقد بدأت أنظمة العهد القديم في التراجع لتحل محلها أنظمة جديدة، وهذا التحول هو ما يربك الوضع الراهن، وقد دفع به إلى الصراع.
ذيل الكاتب روايته بـ كان دائما يحب أن يقرأها مع نفسه، يعتبرها مددا روحيا لا يستغني عنه، فإذا ادلهمت أوقاته وعصفت به الهموم يرجع إلى ذلك الدستور الذي تبدأ أول جملة فيه: اعتن بنفسك يا أيمن، اعتن لي بأيمن يا أيمن..